نزار قباني مسلسل مكسيكي غص بالثغرات والسقطات والفضائح
جمال قباني
الحوار المتمدن-العدد: 1375 – 2005 / 11 / 11 – 10:53
المحور: الادب والفنيارُبّ حيٍّ رخام القبر مسكنه
وربّ ميْتٍ على أقدامه انتصباليس الشاعر ملكا لأحد، ليس ملكا لدمشق ، ولا لسوريا، ولا للعروبة، إنه ملك الإنسانية جمعاء ، لذا يعد أي تأريخ درامي لتجربته الشعرية والإنسانية حقلا مزروعا بالألغام ومحفوفا بالمخاطر ، لأن أي إساءة – عمدا أو دون قصد_ لن تكون إساءة إلى بيئة الشاعر الضيقة أو الواسعة بل ستغدو إساءة لكل التجارب الشعرية والإنسانية، ولعل هذا الوعي هو ما دفع الدكتور صباح قباني شقيق الشاعر إلى رفض عمل يؤرخ لسيرة أخيه الشعرية والإنسانية.
إن الفعل الدرامي فعل خطير جدا لاتساع رقعة المشاهدين المتأثرين فيه ولترسيخ مقولاته في أذهان المتلقين فيغدو بذلك مصدرا لثقافتهم، ولعلنا سنرى بعد سنوات من يدين نزار أو من يدافع عنه من خلال تلك الصورة التي ” ظهّرها ” المسلسل وليس من خلال شعره وسيرته التي كتبها بقلمه، ولعلنا سنرى أسرا محافظة – وهي كثيرة- تحرم أبناءها من قراءة أعمال نزار بعد تلك الصورة ” البوهيمية ” التي رسخها المسلسل ، حينئذ سيفوز المتزمتون وحدهم ، كما قال أحدهم.
لم يكن نزار قباني بحاجة إلى عمل درامي يخلده لأنه خالد في قلوب قرائه، وحاضر في وعيهم، ومثواه مازال أخضر نديا مطرزا بياسمين العشاق وفلهم.
غامر – وأكاد أقول قامر- القائمون على المسلسل مغامرة كبيرة لاتخلو من روح تجارة السوق الرائجة ، والتجارة ليست أمرا مذموما إن كان المنتج نافعا ويحقق شروطه الفنية، فأي قيمة للعطر إن كان إناؤه رديئا ملوثا بالسم؟؟ إن أخطر مافي الفن الدرامي شوائب الرداءة والتشويه والتجارة.
قد يميل المرء إلى الاقتناع بحق المعترضين على هذا العمل بعد مشاهدته مسلوقا بماء الرداءة والتجارة لا مبخرا بماء الورد والحب كما زعم بعض الممثلين،فالنجاح الذي حققه العمل هوالإساءة إلى الدراما السورية التي عملت لسنوات عديدة على جذب المشاهدين العرب وتأليف قلوبهم.
كانت حجة المعترضين على العمل قبل أن يرى النور ضآلة تجربة كاتب النص وربما السيناريست وبعض الممثلين أيضا وقد بدا -بعد العرض- أنهم كانوا على حق في ذلك. فالشاعر ثروة وطنية و لا يحق لمعاول التجار وأزاميل المجربين أن تمعن فيه تمزيقا وإسفافا وتشويها.
إن النص – مادة أدبية وسيناريو- هو لب المشكلة وعنصرها ، ولن تجدي نفعا كل محاولات الإخراج الشاعرية، ولن تستطيع أن تستر سوأة هذا النص ، ولن تستطيع أن تصرف ذهن المشاهد عن رداءته، فقد ” اتسع الخرق على الراقع”.
إن رداءة النص – مادة أدبية وإعدادا وحوارا- تتجلى في تسليط الضوء على تفاصيل لاقيمة لها ولاتخدم سيرة الشاعر ولا شعره ، بل إن بعضها يعمل عمدا على تشويهه، ولن أقحم نفسي في مسألة توثيق هذه التفاصيل دحضا أو تأييدا فأسرة الشاعر لاسيما شقيقه وكذلك أصدقاؤه الأحياء هم أولى بذلك وأجدر.
تعثرت قدما النص وغاصت في وحل تلك التفاصيل على حساب أشياء جوهرية كانت هي الأولى فبدا النص ملوثا هزيلا أعرج ، والثانوي السطحي فيه أطول ساقا من الجوهري العميق. فأين علاقة الشاعر بمثقفي عصره لاسيما الشعراء؟ أين تلك المساجلات النقدية بينه وبين أدونيس ، وبينه وبين شيخ النقاد مارون عبود ، وبينه وبين بعض النقاد المصريين؟
أين شهادات النقاد في شعره؟ (جرت إشارة سريعة إلى ذلك في الحلقة الأخيرة)أين الناقد محي الدين صبحي ولعله أول من أفرد له كتابا نقديا؟أين رثاؤه لطه حسين في قصيدته” حوار ثوري مع طه حسين”؟ أين قراءاته للذين سبقوه: سعيد عقل وإلياس أبو شبكة وغيرهما؟ لعله لم يقرأ كتابا في حياته كما أظهر المسلسل!!أين تلك المقدمة الضافية لديوان ” قالت لي السمراء”التي كتبها الأستاذ المرحوم منير العجلاني متنبئا للشاعر فيها أن يصبح في مصاف الشعراء العالميين؟ وقد سبقنا إلى الإشارة إليها ” شمس الدين العجلاني “. أين رحلته البحرية إلى إيطاليا وهو في السادسة عشرة ، إذ هبط على متن الباخرة وحي الشعر – أو شيطانه- ونام ليلتها شاعرا كما يقول في قصتي مع الشعر. أليس هذا حدثا ذاقيمة؟ ألا يحق للمرء أن يسأل عن دافع النص من تغييب مثل هذا وتسليط الضوء على التافه والسطحي؟؟
شغل النص نفسه – على مدارعشرين حلقة أو يزيد- بملاحقة نزار في الخمارات – مع أنه كان “بيتوتيا” كما يقول في المسلسل وفي ” قصتي مع الشعر”. و أرهق النص نفسه –عمدا-
وهو يلهث وراء متابعة ” الساقطات ” في رحلة بحثهن عن الشاعر أو بحثه عنهن من دمشق إلى القاهرة إلى أسطنبول ( وهي أنقرة كما بين أحدهم). شغلته المنادمة في حانات تركيا بين الشاعر وتلك الشخصية السطحية التافهة ” نزيه”.
لا شك أن الشاعر ليس قديسا ولا نحسبه ولا يرضى هو أن يكون كذلك، لاشك أنه كان مقبلا على ملذات الحياة، وهذا مظهر من مظاهر الحسية التي يتصف بها كثير من الشعراء بدءا من امرئ القيس وطرفة بن العبد وعمر بن أبي ربيعة وأبي نواس وليس انتهاء بنزار، بيد أن التركيز ‘على هذه الحسية وتصويرها بهذه الفجاجة المفرطة والسطحية والمجانية هو مانعترض عليه، لأن هذه الصورة ستقر في أذهان كثير من المشاهدين، ولو كانت هذه الكفة متساوية وكفة انشغاله الثقافي لما كان لنا أي اعتراض ،أمعقول ألأ نراه – على مدار خمس وعشرين حلقة- إلا مدخنا بشراهة- حتى في السرير- أو معاقرا الخمر أو مجالسا النساء، لعل السيناريست أخذ قول نزار” عشرين امرأة أحببت” على محمل الحقيقة لا المجاز.
أمن الإنصاف للشاعر ومن يعرفه أن يطغى – في المسلسل- حضور تلك العلاقات السطحية العابرة على حضور الشخصية العميقة”نورا” تلك التي ستغدو كاتبة معروفة تؤرخ لأيامها معه في رواية جميلة فيها كثير من التفاصيل الآسرة لها وله ولمدينة دمشق ومجتمعها في منتصف الخمسينات؟؟ ماالأثر الذي تركته في شعره ورؤيته، وما الأثر الذي خلفه فيها ؟لم لم تذكر “نورا” باسمها الحقيقي؟ أهو احترام للخصوصية؟ أين احترامكم خصوصية الشاعر وخصوصية أسرته؟؟أين احترام مشاعر الأم “زهراء” والأخت ” هدباء” وهما تريان
” توفيق” الابن يموت مرة أخرى ، فتموتان معه ألما وتبيض عيناهما حزنا؟؟
ثمة أسئلة كثيرة يمكن للمشاهد أن يطرحها ، وقد تثيرها مقالات كثيرة ستظهر لاحقا، ولكن سنكتفي بماطرحناه موسعين الحديث عن الثغرات والسقطات والفضائح كيلا يبدو الكلام مرسلا والأحكام متجنية.ثغرات وسقطات:
أنفق المسلسل-بإسراف ومط ممل وإيقاع بارد وحوار سطحي- زهاء خمس وعشرين حلقة على حياة نزار من 1933 وهو في العاشرة إلى 1966. واكتفى بخمس حلقات لرصد حياته من 1967 إلى 1998 مع أن في الفترة الثانية أحداثا جساما عصفت بالشاعر وبالعرب جميعا0
أما كان يكفي حلقة أو حلقتان لنزار الصغير يركز فيهما على أبيه و الحركة الوطنية، وعلى أخته وصال وقوة مخيلة نزار ؛ وقد نجح الإخراج في كل ذلك ولكن على حساب حلقات أخرى0 ما معنى أن ينفق المخرج- مبذرا- حوالي تسعين دقيقة على حادثة لم يكن لها أي أثر مرضيّ في حياته أو شعره لاحقاً “إصابة العين” ؟أهو طمع في إعطاء ابنه” مجيد الخطيب” مساحة واسعة في العمل؟على أن هذا لا يمنع من تسجيل إعجابنا بتمثيل ذلك الطفل”مجيد الخطيب” و أداء من قامت بدور “وصال” فقد تفوقا في أدائهما على كثير من الممثلين لا سيما المشهور منهم ولا نكاد نستثني إلا السيدة صباح جزائري ، وطلحت حمدي ، ومن قام بدور “نورا” ، والممثلة المصرية التي أدت دور الخادم و”بلقيس” ولاحقا سلوم حداد فقد نجح إلى حدٍ ما في إقناعنا برقّته رغم ملامحه القاسية التي كونّاها عنه، وقد استطاع أن ينسينا صدمة انتقال الدور من تيم حسن إليه ، وإن كنا نأخذ عليه المبالغة في إلقاء الشعر وأخطاء كثيرة في قراءته ماكا ن ينبغي لممثل تمرس في الأدوار التاريخية أن يقع فيها .
إن نجاح المخرج في المشهدية الشعرية لا يمنعنا من الإشارة إلى الهفوات التي وقع فيها و هي كثيرة، منها على سبيل المثال تصويره أبا المعتز –غالبا- بمظهر رسمي لايتخلى عنه حتى في “السيران” ففي هذا المشهد بدا أبو المعتز مرتديا لباسه الرسمي متكئا على العشب والناس حوله يمرحون ويشوون، هل ثمة “دمشقي” أو أي متنزه شعبي آخر يسلك هذا السلوك الذي يدعو الناس إلى السخرية؟ وفي المشهد نفسه يدور حوار بين زهراء وأبي المعتز عن سبب بقاء نزار في البيت ، ويكون: لأنه اتخذ قرارا أن يكون شاعرا، وكل ذلك قبل تلك الرحلة البحرية إلى إيطاليا!!! ومن سقطات السلوك المتحضر المشهد الذي يدخل فيه الشاعر بيت الكاتبة “جوليا” ترافقه الخادم ، ففي المدخل على الدرج الرخامي النظيف الأنيق يرمي الشاعر سيجارته ويدوسها برجله. فأي سلوك لديبلوماسي متمدن؟!
ومن سقطات التقدير الحقيقي للسن ظهور هدباء في فترة حسني الزعيم 1949بصورة طفلة عمرها خمس سنوات أو يزيد، وقد تكررت هذه السقطة في مشهد جمعها مع أخيها وجدتها حين عاد الشاعر من “بكين” عام 1961وقد ظهرت فيه هدباء بنت سبع أو ثمان وهي في الواقع كانت تجاوزت الرابعة عشرة أو كادت، ومثلها مشهد وداع الشاعر عام 1952 فقد ظهر توفيق”الابن” رضيعا محمولا مع أنه كان في الواقع في الثالثة من عمره 1949-1973.
ومن السقطات الثقافية ذلك المشهد الذي جمع المستشرق الإسباني “بيدرو” ونزار ، في هذا الحوار يتحدث الاسباني بفصحى طليقة والشاعر بعامية ركيكة عن أمر ثقافي،أي خلل هذا؟ هل يصعب على السيناريست إنطاق شاعر بمنزلة نزار بالفصحى؟ولعلي أدعوه الى زيارة مقهى النوفرة الشعبي حيث يجد الأجانب يتحدثون الفصحى و يجد في الوقت نفس محاوريهم يجيبونهم بها حتى لو كانوا أميين.
اعتمد المخرج –أحيانا- الشاعرية أسلوبا في كثير من المشاهد فوفق في بعضها وأسرف في بعضها، كان يمكن لمشهد البحيرة التي رمى الشاعر نفسه فيها أن يظل شاعريا لو لم ينته تلك النهاية، فكيف لنا أن نبلع أن الشاعر لم يرتجف بردا في الجو اللندني البارد ؟ وكيف لنا أن نرتاح إلى جلوسه مرتاحا يدخن سيجارة مبتلة؟؟
ولعل المشهد الذي بولغ في إخراجه إخراجا شاعريا هو ذاك الذي ظهر فيه نزار ممددا بين الكتب صانعا منها صندوقا فارغا ينظر من خلاله ، ناثرا أوراق الورد على الأرض بعد أن انفصل عن زوجته، لقد بدا المشهد والشاعر أكثر ميلا إلى البلاهة من الشاعرية ، ولعله بدا أن بينهما شعرة دقيقة.
أما ثغرات النص وسقطاته فهي أكثر من أن تحصى وقد ذكرنا بعضها آنفا دون تفصيل،وسوف نفصل في بعضها ههنا.
عمل النص- دائبا- على الإيحاء للمشاهد بأن وراء كل قصيدة حدثا أو مناسبة ما، وكأنْ لا عين للشاعر ترصد حركة المجتمع ومافيه من ظواهر سلبية ، وكأن لاقوة تخييلية لديه ، هل كان النص يحتاج إلى هذا الفرش بقصة قد تكون مفتعلة ليصل إلى الحديث عن ” خبز وحشيش وقمر”؟ هل يزداد المشاهد اقتناعا حين يرى أن وراء قصيدة “حبلى ” ذلك الحدث؟ وفي هذا الأمر خطر على الأدب ؛لأنه يلغي دور الشاعر الرائي المتنبئ المستشرف من ناحية ، ولأنه يوحي بالارتجال من ناحية ثانية ، فتلك القصيدة “حبلى” التي أوهمنا المسلسل أن وراءها قصة ، هي فعلا وراءها قصة ، ولكن قصة الاعتمال والاختمار ، لقد ذكر الشاعر في ” قصتي مع الشعر” أن هذا الموضوع شاغله قرابة عشر سنوات ولم يهبط عليه وحي القصيدة – أو شيطانها- إلا فجأة على وقع خطواته السريعة وهو يهبط درج بيته القديم، فإذا كانت القصيدة نشرت في ديوان قصائد عام 1956فإن اعتمالها وغليانها في نفس الشاعر قد كان في 1946، القصيدة عند نزار ليست ارتجالا ولا تنتظر حدثا، القصيدة بناء ، وإن خرجت عن تلك الرؤية خلت من الملامح الفنية ، ولعل قصيدة ” إفادة في محكمة الشعر ” التي خصص المسلسل لها وقتا هي من أضعف قصائد نزار لأنها قصيدة مناسبة يغلب عليها الارتجال أو بعض منه. كا ن الأحرى بالمسلسل أن يرينا الشاعر وهو ينحت صورة أو “يدوزن” بيتا ، أو يضع لفظا مكان لفظ أكثر شاعرية ، لا أن يختلق قصصا لقصائد.
ولعل تلك الفجاجة في اختلاق قصص للقصائد بدت واضحة في قصيدة ” وجودية” ففي القصيدة يعلن الشاعر أنه التقى ب “جانين” في باريس.
كان اسمها جانين
لقيتها – أذكر- في باريس من سنين
أذكر في مغارة التابو وهي فرنسية
الطريف في الأمر أن السيناريست أسقط ما يشير إلى مكان اللقاء من القصيدة وجعله في لندن لكي تنسجم مع التلفيق والقصة التي أخترعها وجعلها سببا في انفضاض العلاقة بين الشاعر ومدرسة اللغة الانجليزية!!! أما كان حريا بالنص ههنا أن ينصرف عن الافتعال والتلفيق إلى تلك المساجلة الرائعة بينه وبين شيخ النقاد مارون عبود حول تلك القصيدة ، ولو كلف نفسه بالالتفات لوجد تلك المساجلة تدرس في منهاج المرحلة الثانوية على أنها نموذج من المساجلة النقدية الراقية، يبدو أن النص –مادة “أدبية وإعدادا- لم يلمحها في زحمة انشغاله بملاحقة “لميس” من دمشق إلى القاهرة إلى اسطنبول، وقد تعجب أولادي كيف لم تظهر في لندن وبكين لكي تكتمل حلقات المسلسل المكسيكي والفيلم الهندي!!
ومن السقطات أيضا مايمكن أن نسميه الاضطراب التاريخي بين القصيدة والحدث الذي أظهره المسلسل، وقد بدا ذلك في قصيدة ” راشيل شوازنبرغ” إذ صورت في المسلسل بعد النكبة مباشرة وهي في الواقع كانت في عام 1956، ومن ذلك أيضا قصيدة” أيظن”المنشورة عام 1961وقد غنتها نجاة بعد سنتين أو ثلاث من النشر ولعل ذاكرتي تقودني إلى 1964، أما ما وقع فيه المسلسل فهو إيهامنا أنها غنتها قبل الانفصال ، وأم المصائب في هذا الاضطراب التاريخي قصيدة ” القدس” إذ ألقاها الممثل/ الشاعر بعد عودته مباشرة من مدريد 1966 ،وحرب 1967 لم تقع بعد ، ولم تسقط القدس بعد . لو كلف المعد نفسه وعاد إلى ديوان ” الأعمال السياسية ” لوجد أن قصائده كتبت بين 1967 و 1977، كان من الممكن ألا نحاسب النص لو لم يطوق نفسه منذ البداية بمعيار التسلسل التاريخي.في الحلقة الأخيرة تقول بلقيس ” هناك تقارير تقول بان لبنان مقبل على حرب أهلية” والحوار هذا على مايوحي به المسلسل جرى في 1978 او1979 لأننا شاهدنا في نهاية الحلقة السابقة حوارا حول الوحدة السورية العراقية ، فكيف يستقيم أن يدور حوار عن التنبؤ بالحرب في حين الحرب قائمة منذ أربع سنوات؟؟
وثمة من السقطات أمر لابد من الإشارة إليه وهو عدم مناسبة القصيدة للحدث الدرامي وما كان لنا أن نلاحقه لو لم يجعله منهجا لكل قصيدة، فقصيدة” سؤال” ليست مناسبة للمشهد ولاعلاقة لها به، وكذلك مشهد وداع الشاعر ل “سناء اليازجي” قبل سفره إلى “لندن” فقد دار على شفتي الشاعر كلام مستقى من قصيدة “نهر الأحزان”1961 فكيف لنا أن نقتنع بهذا الحوار والإحساس بأنه يريد أن يقيها من نفسه وشروره وضلاله ، والشاعر لم يصل إلى هذا الشعور بعد؟ فبين هذا الإحساس المفتعل الذي قيل في المشهد وبين الإحساس الحقيقي الذي ورد في القصيدة تسع سنوات على الأقل. فلو استقي حوار هذا المشهد من قصيدة أخرى لكان أفضل كيلا يشعر المتابع بهذا الاضطراب. قبل حرب 1967 نرى الشاعر يطوف في مكان خرب يقرأ فيه مقطعا يصور فيه إحساسه بالمدينة “مدينتنا تظل أثيرة عندي برغم جميع مافيها” وهو المقطع الثامن والعشرون من القصيدة/ الديوان” يوميات أمرأة لا مبالية”1968
كما قلنا سابقا كان يمكن أن نغض الطرف عن كل هذا لو لم يلزم النص نفسه بالسرد التاريخي ، ولو لم يطوق نفسه بالقصيدة / الحدث.
تلك الآفات السابقة (الارتجال ، وعدم تلاؤم الموقف الدرامي والقصيدة، والاضطراب التاريخي) جمعت في مشهد واحد لا يتجاوز دقيقتين، ففي عام 1956 يلتفت ” إحسان” إلى “نزار” قائلا : ماذا ستهدي “نورا” في عيد ميلادها ،؟ويكون الجواب: سأهديها شعرا. ويلقي ثلاثة أبيات هي:
عشرون عاما فوق درب الهوى ولايزال الدرب مجهولا
فمرة كنت أنا قاتلا وأكثر المرات مقتولا
عشرون عاما ياكتاب الهوى ولم أزل في الصفحة الأولى
لا يحتاج الأمر إلى تعليق لدحض فكرة الارتجال و المناسبة ، وإنما يحتاج إلى توضيح مؤداه أن هذه الأبيات مقدمة ديوان الرسم بالكلمات المنشور 1966. هل بوسع المرء ألاّ يضرب كفا بكف؟؟!!
تلك السقطات والثغرات قد تغتفر، أو تهون أمام تلك الجناية المقحمة التي ارتكبها السيناريست عمدا أو قصدا،فقد ركز على شخصية تافهة سلبية سطحية جاهلة وربما خائنة، وقد أصر أن يرينا الشاعر نديما لتلك الشخصية لايكاد يفارقها، والأدهى والأمر أن يصر على “دمشقية ” تلك الشخصية/”نزيه”، ويقحم جملة”أنا شامي دمي حامي” قالها في خمارة لجاسوسة ساقطة، مامعنى ذلك التركيز المبالغ فيه ؟ لعل شيئا قابعا في لا وعي” السيناريست” وجاءت فرصة ظهوره، لو لم يركز هذا التركيز المبالغ فيه على “شاميته” لاعتبرنا الإساءة إساءة عامة للشخصية الديبلوماسية السورية واستنكرناها بشدة، أما أن يتحدث بلهجة بائع البطيخ الشامي وهو الديبلوماسي المترجم ويصور على أنه جاهل وتاجر وربما خائن يفشي بسر خطير إلى تلك الجاسوسة فهو أمر خطير جدا ويوحي أن الإساءة خاصة ومقصودة، ثم كيف لنا أن نقتنع أن السفير أودعه سرا خطيرا بعد أن ضبطه وعشيقته في السفارة ونعته بأبشع النعوت؟ هل هناك إساءة للشخصية الديبلوماسية والسورية والدمشقية أكثر من هذه؟ شخصية دمشقية-بإصرار” السيناريست”- جاهلة ماجنة خائنة تشغلها التجارة عن القضايا الوطنية ويجالسها الشاعر ولا يكاد يفارقها!! في هذا الأمر مافيه مما هو كامن .
يعزز رأينا في هذا الكامن إدانة النص للمرحلة السياسية السابقة وديكتاتوريتها وفسادها ، حتى ذلك الوطني الوحيد الذي تخلى عن السلطة طوعا لم يسلم منه، لقد أقحم النص نفسه في السياسة منذ الاستعمار الفرنسي إلى الانفصال، وسكت بعد ذلك ، وغض الطرف عن “استيلاء” 1963، والانقلاب الداخلي1966 على ” الاستيلاء” والحركة الداخلية 1970 على ” الانقلاب” وما عصف بسوريا والمنطقة بعد هذا التاريخ وما مر من أحداث جسام. لم؟؟ سلط الضوء على ديكتاتورية حسني الزعيم والشيشكلي وفساد رجالات السلطة- ونحن معه في بعضها-، وعشيت عيناه عن ديكتاتورية المراحل اللاحقة وفسادها ، انتبه إلى فساد صلاح الشيشكلي وانتهازه سلطة أخيه، وتعامى – متعمدا أو خائفا أو راضيا- عن كل مفاسد أشقاء المراحل اللاحقة وأبناء العمومة والخؤولة والمقربين والموالين و”الشبيحة” والإقطاعيات العسكرية والأمنية، غض الطرف عن الشقيق”القائد” و”سراياه” ذلك الفاسد المفسد ناهب الخزائن، الديكتاتور مرتكب المجازر الذي ولغ في أبناء دماء الشعب السوري، وألهب ظهورهم بسياطه، و جعل الخوف والفساد ثقافةعامة للسوريين- ولا نبرّئ غيره- حتى غدا أبناء الشعب السوري بين سجين ومذبوح وخائف وهارب وفاسد. صلاح الشيشكلي – ونحن نراه فاسدا-قد يبدو قديسا إذا ماقيس إلى أولئك اللاحقين.
ألم يكن بمقدور النص- كي يبدو حياديا ونزيها- أن يشير –ولو رمزا- إلى ما أشرنا إليه تصريحا؟ لعل وراء الأكمة ماوراءها.
ألم يكن بمقدوره أن يأخذ بعضا من وقت ” نزيه” وموظفة وزارة الخارجية السطحيين ويخصصه لبعض من مثقفي عصر الشاعر وقد ذكرنا بعضهم سابقا ، ونضيف إليهم- على سبيل المثال- الشاعر شوقي بغدادي وقد كان صديق نزار ومعجبا به في بداياته حسبما ما سمعنا من شوقي وما قرأنا، هل كان صعبا على النص أن يشير- ولو إشارة سريعة-إلى بعض المعجبين به والمتأثرين به من الشعراء ( الشاعرة سعاد الصباح في بداياتها)؟ قد يرد علينا بأن هذا العمل ليس دراسة أدبية، ونحن نزعم أنه ماكان ينبغي أن يكون عملا تشويهيا مسفا .هل كان صعبا أن يسرق النص بعضا من لحظاته المسرفة ويخصصها للحديث عن “غرناطة” وهي أهم “إسبانياته” وكلماتها تجري على كل لسان؟ ألم يكن من الإنصاف- وقد ذكر بعض المغنين والملحنين- الإشارة إلى الفنان نجيب السراج وكان من أوائل الذين غنوا قصائد الشاعر وإن لم يكتب له الشيوع؟ أليس من الأهمية الإشارة إلى الملحن العبقري ” محمد الموجي” وعبد الحليم حافظ وهو من أفضل من أدى قصائد نزار بسبب إحساسه العالي الصادق.ألم نذهب منذ البداية إلى أن النص مشوه أعرج طغى فيه- عمدا أو قصور رؤية وقلة خبرة- السطحي على العميق، والهامشي على الجوهري، والمجالس الحسية على المجالس الثقافية ، ومقارعة الخمر على مكابدة الشعر؟!ومن مظاهر هذا العرج اختصار الفترة من 1981-1998 إلى نصف حلقة ، فأي خلل في النص والإخراج معا؟؟
ولعل من الإنصاف- قبل الانتقال إلى فضائح القراءات الشعرية أن نشيد بالحلقات الخمس الأخيرة لأنها أعادت إلى ذاكرتنا نقطة مضيئة في حياتنا ، وذكرتنا بالبطل الطيار عدنان الحاج خضر، ولكن مساحة الضوء لم تكن لتضيء مساحة العتمة ، ومسا حة النظافة لم تكن لتستر مساحة الأدران في الحلقات السابقة ، والمياه الرقراقة اللاهثة في الحلقات الأخيرة لم تكن لتدفع تلك المياه الآسنة التي ركدت في خمسة أسداس العمل.أغاليط “تيم حسن” تمعن في الشعر تشويها
لعل كل ما تقدم من ثغرات في كفة ، وقراءة “تيم حسن” للشعر في كفة ،وأنا لا أعني ههنا مستوى الأداء الصوتي فقد نجح فيه الممثل إلى حدٍ ما، وتفوق على قسيمه في الدور سلوم حداد، وإنما أعني مستوى الوعي الشعري لغة، ووزناً ، ومعنى، لقد انصرف الممثل إلى المستوى الجسدي للشخصية بتجليات الوسامة و الصوت وحركة اليد وكلها أشياء مهمة ولكن لا قيمة لها إن لم يرفدها وعي الشخصية ثقافيا ونفسياً، لقد نسي “تيم حسن” في هذا الانشغال الجسدي انّه يقدم شاعرا وأهم ما يميزه هو شعره، لا وسامته0 قد يلقى “تيم حسن” إعجابا و تصفيقاً من المراهقين، وقد يسقط في شباك ذلك التصفيق، ونحن نهمس في أذنه ناصحين إن الوسامة وحدها لا يمكن أن تصنع نجما إن لم ترفد بوعي ثقافي، لقد أسفر أداؤه للشخصية عن جهل تام في الشعر، بل أسفر في كثير من الأحيان أنه لا يفهم ما يقرأ مع أنه كرره مرات عدة حتما في أثناء التمرين ،وتلك الطامة الكبرى 0 قد يقول قائل إن هذا تقصير من المنتج الذي صرف ملايين الدولارات على العمل و بخل في تعيين مراقب ذي خبرة في الشعر لمراقبة قراءة “تيم حسن” ونحن نؤيد ذلك ولكن لا نعفي الممثل من المسؤولية لأنه ارتضى هذا الأمر، وقبل أن يقوم بدور الشاعر و ركن إلى نفسه واطمأن إليها- والاطمئنان آفة كل فن- رغم غياب مؤهل الثقافة الشعرية ،و الخطير في هذا أنّ قراءته قد تغدو حُجّة في نظر كثير من المشاهدين0 و أذكر مرة أنني سمعت أحدهم يلحن(يخطئ) في قراءة البيت الآتي:
ملأى السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ
فوجهته إلى الصواب لكنه أبى ، وكانت حُجته أنه سمعه من ” دريد لحام” هكذا !! فكم عدد الناس الذين ستقر في أذهانهم تلك القراءات المكسورة وزناً و المشوهة معنى التي قرأها “تيم حسن”؟ هل تراني أبالغ؟ إليكم بعض هذه المضحكات المبكيات:
1- في قصيدة “لولاك”
أكانت تذرّ البريق الرمادي –لولاك – شهْبُ
أكانت ألوف الفراشات
في الحقل طيباً تعبُُّ ؟
” تعب”- مشددة الباء- من الفعل” عبّ ” أما قراءة الممثل فهي بالتخفيف “تعب” أي نقيض الراحة، أحالنا إلى ” اللامعنى” ولم ينتبه إلى الموسيقى أيضا.
2- قوافي قصيدة “ذئبة” هي : عذْبه-سحبه- رغبه تربه- دربه إلخ كل هذه الأبيات السابقة- وأنا واثق أنه أعادها مرارا حين تمرن على أدائها صوتيا – لم تنبهه أن الضاد في كلمة هضبة ساكنة لكي يستقيم الوزن، ونحن لا نطالبه أن يكون عالما بموسيقى الشعر وخفاياها ، يكفي أن يصغي إلى فطرته الموسيقية، البيت هو:
وفي مقلع للرخام هنالك تنبض هضْبه
3- في قصيدة “بلادي” وكانت مقررة في منهاج السادس الابتدائي خطأ مركب يحق لنا أن نصنفه في الكوميديا السوداء:
ووردنا مفتّحٌ كالفكَر الملونه
” الفكر” جمع فكرة، قرأها الممثل ” الفكْر-بسكون الكاف(إعمال العقل)، فكسر الوزن وشوه المعنى، ويعجب المرء كيف لم ينتبه إلى أن الفكر مذكر والملونة صفته مؤنث ، هل هي جملة عربية أم هندية؟ و تكرر الخطأ نفسه في ” رسائل لم تكتب لها” وسوف يأتي ذكرها.
4- في قصيدة “معجبة”التي تجري على لسان امرأة معجبة بشعر الشاعر:
تقول أغانيك عندي تعيش بصدري كعقدي
وشعرك هذا الطليق الأنيق لصيق بكبدي
….
فبيت بلون عيوني وبيت بحمرة خدي
جعل الممثل “المعجبة” تعجب بشعره الأشقر، فقد قرأها “شعرك” بفتح الشين ، ولم ينتبه إلى كلمة “أغانيك” التي ترادف “قصائدك” هنا ، ولم ينتبه إلى كلمة “بيت” أرجو أن تعذروني إن لمحتموني أضحك ضحكا مرا وأنا أطبع هذا المقال. هل كان مثل هذا يحتاج إلى مراقب لغوي ذي بصيرة؟؟!!
5- في قصيدة ” راشيل شوازنبرغ” يقرأ” أختي القتيل” بتشديد الياء ظنا منه أن الشاعر يتحدث عن أختين اثنتين لرجل قتيل وليس عن أخت واحدة قتلها اليهود ، والطريف أن الأسطر اللاحقة لم تنبهه ألى ان الشاعر يتحدث عن أخته لا أختي رجل شهيد:
أختي التي علقها اليهود في الأصيل
من شعرها الطويل
أختي أنا نوار
أختي أنا الهتيكة الإزار
6-في قصيدة ” أبي” مايدعو إلى البكاء على ما وصلنا إليه:
هنا ركنه تلك أشياؤه تفتّق عن ألف غصن صبي
جريدته .. تبغه.. متّكاه كأن أبي بعد لم يذهب
” متكاه” مشددة التاء ومخففة الهمزة : ما يتكئ عليه المرء جالسا أو مضطجعا– وماأظنها تحتاج إلى توضيح- قرأها الممثل بالنون المخففة والهمزة هكذا” منكأه” فكسر الوزن، وأحالنا إلى اللا معنى ، ولم ينتبه إلى أنها لو كانت كذلك لكتبت” منكؤه” مثل “أشياؤه” ، لايعرف قواعد الإملاء أيضا.!! ونحن لا نعرف معنى ” المنكأ” أيضا.
7-” رسائل لم تكتب لها” غصت بالأخطاء:
إنني أكتب للهو.. فلا تعتقدي ما جاء فيها
فأنا- كاتبها المهووسَ- لا أذكره
ماجاء فيها
قرأ الكلمتين” كاتبها المهووس” بالرفع فأحالنا إلى معنى آخر لن يدركه ، ولن تدركه ” أصالة” حين ضمت اللام في “كل” من القصيدة الدمشقية ” كل ثانية يأتيك سفاح” لن يدرك الفرق بين الضم والفتح إلا من هام في المعنى وجعله وكده وأنفق حياته في جلائه والقبض عليه، فليسمح لي القراء باليت الآتي:
فكيف نسمع والأخطاء تنهشنا وكلَّ ثانية يؤذيك نوّاح؟؟” فكري تغلي” جمع فكرة قرأها مرة أخرى بسكون الكاف فكيف استقامت له لغة ووزنا ومعنى ؟؟لاندري.
“فلأن الحرف هذا الحرف جزء من حياتي
ولأني رحلة سوداء في موج الدواة”
قرأ كلمة الحرف الثانية بالرفع، و”سوداء” بالنصب.
“فأنا نفسيَ لا أذكر مايحوي بريدي”
قرأ ياء “نفسي” بالسكون فكسر الوزن
” أتلهى بك ، بالكلْمة، تمتص وريدي”
قرأ “الكلمة” بفتح الكاف وكسر اللام ، وهي بكسر الكاف وسكون اللام كي يستقيم الوزن ، وكل ما ذكرناه ليس اجتهادا ،بل هو موجود في الديوان.
هذا غيض من فيض ، وما تجاوزناه أكثر، على أن ملاحظاتنا على قراءة “تيم حسن” لا تنفي أن شريكه في الدور”سلوم حداد” قد برئ من الأخطاء ، وإنما يعني أن أخطاءه كانت أرحم قليلا لأنها لم تكسر وزنا ولم تخل بالمعنى.
كل ماتقدم يدل على نقص ثقافي مع أن خريج المعهد المسرحي ينبغي أن يكون على صلة وثيقة بالأدب،ويدل- من ناحية أخرى- على استخفاف وعدم إحساس بالمسؤولية ، وركون إلى النفس الخداعة، لقد عمل نزار- رحمه الله- على إيصال شعره إلى كل الناس وجعله خبزا يوميا لهم وقد نجح في ذلك إلى حد كبير فدار شعره على كل لسان ،لكن بعد أن رأينا ما رأينا وسمعنا ما سمعنا يحق لنا أن نستثنيهما مع أنهما حائزان على شهادة جامعية ،يبدو أنهما شبعا ولا يحتاجان إلى هذا الخبز ولا يعنيهما أصلا، ولعل أخشى ما يخشاه المرء-في زمن الجرأة الوقحة- أن يأتي يوم نلمح فيه أحد الممثلين الخطائين باستضافة إذاعة او قناة فضائية يلقي شعرا لنزار أو غيره و شفيعه في ذلك وسامته!! أما كفانا تشويه “كاظم الساهر” للشعر بألحانه المكررة الرديئة، أم كفانا “زعيق” “أصالة”؟ ولن نعجب – في زمن العبث- إذا امتدت غدا يد ” هيفاء وهبي ” و”ماريا” و”روبي” و”يوري مرقدة ” إلىسائر شعرنا العربي.
صرخة أخيرة:
ياتجار الفن مدوا أياديكم العابثة إلى أي شجرة تشاؤون ، واضربوا ثمارها بحجارة سلطتكم وأموالكم ، دوسوا بأقدامكم أي حقل ترغبون، ولكن أرجوكم دعوا لنا بنفسج الشعر وياسمينه. أيها المستخفون بذائقتنا الشعرية والموسيقية أما كفاكم استخفافا؟ اتركوا لنا ماتبقى من ذاكرتنا النقية ، صرنا –بسببكم- ننأى عن كل قصيدة أحببناها في ذلك الزمان الجميل.
أن تتركوا القصائد وادعة في جنات دواوينها أرحم ألف مرة من أن تلوثوها برداءتكم وتشوهوها بتجارتكم.
كيف يحق لكم أن تعبثوا ولا يحق لنا أن نتحدث عن هذا العبث؟؟
وأخيرا ألا يمكننا أن نصرخ:” أسقطوا هذا المسلسل من قائمة الدراما السورية الناجحة”؟؟