“هذه ليست حقيبة” محكيات عربية عن أماكن بلجيكية
بعنوان “هذه ليست حقيبة” اجتمع ثلَّة من الكتَّاب العرب المقيمين في المملكة البلجيكية ليتشاركوا في إصدار مجموعة نصوص سردية تتحدث عن فضاء المدن في المملكة ذات الأقاليم والثقافات المتعددة، حيث ضمَّت النصوص كتَّابا وكاتبات من المغرب والسودان ومصر والعراق وفلسطين وسوريا في أحياء تلك المدن، التي اتَّخذها الساردون فضاءاتٍ لحكايات تنوَّعت مصائرُ أبطالها.
وقد أعدَّ الكتاب وأشرف على تحريره الشاعر المغربي طه عدنان الذي سبق وأن تناول فضاء العاصمة بروكسيل بعنوان “بروكسيل المغربية”، عن هذا المشروع يقول عدنان لـ”العرب” موضحا “إنَّ (هذه ليست حقيبة) محكيات عربيةٌ عن أماكن بلجيكية، تشكّلُ عنصرا جوهريا للسّرد تارة، ومحض ذريعة لحكايات شرقية خالصة تارة أخرى، لتضيء تجربة المبدع العربي المقيم بين جنبات المدن البلجيكية وملامح المكان على حدّ سواء، فالمكان سواء كان ملجأ أو منفى، مسكنا أو موطنا، تتحدّد العلاقة به عبر أحداث تتنوّع خلالها المسارات”.
يتابع عدنان قائلا إن الكتاب الصادر عن منشورات “ملتقى الطرق” بالدار البيضاء، جاء بدعم من وزارة الثقافة المغربية ومجلس الجالية المغربية بالخارج، ويتضمن نصوصا وحكايات تكشف عن القلق والضعف، عن العنف والرقة، عن الحلم والخيبة، إنها تعبيرٌ حيٌّ عن الهوية الكامنة في التعدد وعن الجوهر الإنساني بكلّ تناقضاته.
ويضيف الشاعر المغربي أنَّ النصوص جاءت بالعربية لكن بملامح البلاد الجديدة التي تنوعت بين أقاليم هذه المملكة الصغيرة على شكل سرديات معاصرة، فكان المُنتَج النهائي مؤلّفا جماعيا عن بلجيكا المتعدّدة، يرويها كتّابٌ بالعربية من المغرب والعراق وسوريا وفلسطين ومصر والسودان.
ضمن “هذه ليست حقيبة” نقرأ ترتيب النصوص موافقا لترتيب تناولها المدن البلجيكية بمنطق جغرافي من الشمال إلى الجنوب، “أوستند، بروج، الفلاندر الغربية، أنتوربن، سان تريدن، لوڤن، بروكسيل، لييج، بييرزيت، نامور، شارلروا، الأردين”، من بحر الشمال حتى الحدود الفرنسية والألمانية، فجاءت على الشكل التالي “قنّينة في عرض بحر الشمال” للسوري هوشنك أوسي، و”أحوال الصفصاف الباكي” للمغربي علال بورقية، و”تفضَّل أيُّها الغريب” للمصري عماد فؤاد، و”بورخوروكو” للعراقي ماجد مطرود، و”صدأ الماس” للسوداني الهادي عجب الدور، و”الجثمان الحيّ” للعراقي حازم كمال الدين، و”كراسي الأمل” للفلسطينية بيسان أبوخالد، و”نزيل الغرفة 14” للمغربي نبيل أكنوش، و”ليلة في فندق أميغو” للعراقي زهير الجبوري، و”هي، هو، وغزّة” للفلسطينية نسمة العكلوك، و”حيّ السياسيّين المنكوبين” للعراقي علي بدر، و”بطاريق سان لامبير” للسوداني هشام آدم، و”آشوري في لييج” للعراقي أسعد الهلالي، و”نحنُ أبناءُ مخيّم أيضا” للسوري عبدالله مكسور، و”البوق الأحمر” للعراقي خالد كاكي و“أشباح ديسمبر” للعراقي مهند يعقوب، و”مملكة شجر أعياد الميلاد” للمغربي طه عدنان، بينما جاءت الصور الداخلية التي رافقت النصوص بتوقيع كريم إبراهيم وتصميم الغلاف كان للفنان العراقي ستار نعمة.
وحول العلاقة مع الآخر يشير طه عدنان في توطئته للكتاب إلى أنّ المجتمع العربي في الغرب والمشتغلين في الحقل الإبداعي، ليسوا مضطرّين لتلميع الصورة عند الآخرين، ربما لأنّ الكل غير راض تماما لا عن الصورة، ولا عن الواقع الذي أنتجها من الأصل، وبالتالي فإن الكُتَّاب العرب في الغرب ليسوا مجبرين على إنتاج خطابات مسكّنة تحت الطلب، ضمن مشهد الأدب المستعجل الذي يغازل أفق الانتظار الغربي السائد ويستجيب لتوقّعاته الفنية والجمالية، في انصياع تام لمعايير نفعية تقيس الأدب بمقياس الطائل السياسي الملموس والجدوى الاجتماعية المحسوسة، في هذا المشهد يقع على عاتق الكتَّاب العرب الكتابة بحرّية لكسر المزيد من التابوهات هنا وهناك، ومجابهة الصور النمطية دون إنكار ما تقوم عليه من حقائق أحيانا، ودون الركون إلى تمجيد الذات الذي يفقد الإبداع روحه النقدية القلقة، من هنا جاءت فكرة البحث عن مدخل جديد للثقافة الغربية عبر دروب الأدب، فالأدب يُقدِّمُ ببيان لا يشوبه تبسيط.