حوار مع الشاعر والقاص العراقي قاسم سعودي
قاسم سعودي
“أنا طفل قصصي وشعري في آن واحد
هناك ضعف واضح في صناعة ثقافة واعية ومعاصرة لذهن الطفل”
قاسم سعودي، شاعر وصحفي من العراق، مواليد بغداد 1969، وهو عضو في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. أنشأ مشروع “تعال نكتب في بغداد” لتعليم طلاب المدارس الابتدائية كتابة القصة القصيرة للطفل، وفازت مجموعته الشعرية “كرسي العازف” بالمركز الثالث في جائزة أثير الشعرية في سلطنة عمان عام 2014 والصادرة عن دار عدنان في بغداد.
حصل قاسم سعودي على المركز الثالث بجائزة الشارقة للإبداع العربي الدورة 12 عام 2009 في أدب الطفل عن مجموعته القصصية ” حكايات الدرهم الذي كان يغني “. وتتوزع إصداراته بين الشعر وأدب الطفل (قصص) منها : ” رئة ثالثة ” ، ” مصباح مغلق” ، ” ما لم يره الراكض ” (دار فضاءات). ” حين رأيتكِ أخطأت في النحو ” (دار العين).” الصعود على ظهر أبي ” (دار مسعى الكندية /دار العنوان الإماراتية). ” مثل قارب خشبي مقلوب في الصحراء ” )دار مسعى الكندية /دار معنى / دار الكتب العلمية(. “الفراشة التي تعشق الطيران و” الإوزة التي تصطاد النجوم ” عن دار العالم العربي في الإمارات. ” صياد الشمس ” عن دار شجرة في القاهرة، ” الكتاب المريض ” و” فراشة الشمع ” عن دار الفراشات في بغداد.
له العديد من النصوص والمقالات المشورة في الصحف والمجلات العراقية والعربية، وأسس مؤخرا دار نشر”منشورات مصابيح لأدب الطفل”.
أسست مؤخرا “منشورات مصابيح لكتاب الطفل”، كيف تولدت هذه الفكرة ..؟
هي فكرة “الحكاية”، حكاية الصبي الذي يحب الكتابة، الصبي الذي عبرته الحروب والأزمات والتشظي، فصار رجلاً يخبئ طفولته في كيس ويمر به على الأيام ، فكرة المغامرة والرهان على صناعة كتاب الطفل، محاولة تقديم شيء ما للطفل العراقي والعربي بعيدًا عن نمطية السرد الخاص في الوعظ والإرشاد والمباشرة ، من أجل طفل يقرأ أحلامه في كتاب كانت منشورات مصابيح لكتاب الطفل في شارع المتنبي ببغداد.
تتوزع إصداراتك ما بين الشعر وقصص الأطفال، كيف استطعت التوفيق بين جنسين أدبين متباعدين؟
الأمر جاء هكذا دون تخطيط، ربما الصدفة وحدها فقط هي ما قادتني إلى عوالم الطفل، وأظن الجمع بين الشعر والكتابة للطفل نوع من المغامرة المحببة لروح القلب والحرية والاكتشاف، الرهان قد يكون صعبًا، لكنني أجد نفسي في هذا النسيج المتنوع واللذيذ؛ فالسرد القصصي للطفل والشعر كلاهما قريبان إلى باب روحي، قد يكون الشعر أكثر نشوة ومشاكسة وامتلاء؛ لكن قصة الطفل تسرقني من ذاتي وتقودني إلى تلك اللحظات الأكثر شغفًا، اللحظات التي أتلمس فيها شقاوة الأطفال ورائحة كلماتهم وأحلامهم وضحكاتهم ، أنا طفل قصصي وشعري في آن واحد.
كيف يكتب قاسم سعودي “الطفل” القصص للأطفال ..؟
بالكثير من الحذر والكثير من النشوة أيضًا، أحاول الكتابة بشكل مختلف قليلا ومؤثر، كتابة لا تسخر من الطفل أو تضحك على عقولنا، كتابة تقربه أكثر لمنطقة الحب وإلى طاقة الأمل، هي مغامرة لكن الكتابة للطفل ليست حقلًا للتجريب كما في الأشكال الإبداعية الأخرى ، هي أمانة وهذه الأمانة تتطلب وعيًا جماليًا عاليًا وقراءة معمقة لهواجس الطفل ومشاعره وسلوكياته وعوالمه الإيجابية والسلبية وذهنه المفتوح على سرعة نمو العالم في التكنلوجيا وعلم الاتصالات.
تمارس العديد من الأنشطة المختصة في أدب الطفل، كاتب قصص أطفال إضافة إلى تأطيرك لورشات تعليم الأطفال كتابة القصص في العراق وسلطنة عمان وغيرها، كما صرت ناشرا متخصصا في هذا المجال . كيف ترى أدب الطفل في العالم العربي من خلال تجاربك المتعددة؟
أظن أن المشكلة الكبرى التي يعاني منها أدب الطفل بشكل خاص والأدب العربي بشكل عام هي مشكلة فكرية قادمة من الثقافة العربية المريضة ودوافعها البراغماتية والتسلطية البعيدة عن روح الإنسان العربي المغلوب على أمره فكريا واجتماعيا واقتصاديا.
هناك ضعف واضح في صناعة ثقافة واعية ومعاصرة لذهن الطفل العربي، مع الجهود الواضحة من المؤسسات والهيئات ودور النشر المعنية بذلك؛ لكن هنالك أملًا بالتأكيد، أمل يكبر مع حاجة الطفل العربي إلى مواكبة ثلاثية المحبة والتسامح والسلام.
عاش العراق وما زال حروبا وأوضاعا اقتصادية انعكست في كل المجالات على كل فئات المجتمع بما فيها شريحة الأطفال . كيف يمكن أن تساهم ورشات الكتابة بالنسبة للأطفال في إعطائهم فرصة البوح بما يخالجهم من أحاسيس وأفكار قد تكون صادمة أحيانا ؟
تساهم ورش الكتابة بشكل ما في خلق مناخ إبداعي كفيل بتطوير أداء طلبة المدارس الابتدائية القصصي والإنساني والمجتمعي على صعيد تنشيط ذائقته الجمالية والإبداعية وتعزيز طاقة الحب وروح المواطنة والمعرفة؛ خاصة على صعيد صقل موهبة الكتابة لديهم من خلال العبور إلى ثلاثية الخيال والخلق والابتكار؛ لإنتاج نصوص تتضمن العديد من الأفكار الإنسانية والجمالية؛ بعيدًا عن ثقافة العنف والخراب والموت المجاني، يكتب الأطفال عن الأمل والبراءة والمشاكل العائلية وطموحاتهم، كتبوا أيضاً عن الحرب والفقد والفقر، عن الأصدقاء والمدرسة والشارع والوطن وغيرها من العوالم.
وأنت الشاعر والقاص والناشر، أين يجد قاسم ذاته ..؟
لا أعرف فعلاً أين أجد نفسي، ربما مع الأطفال الشجعان الذين يذهبون صباحا إلى المدراس رغم كل شيء، مع الأم التي في غرفة العناية المركزة، الأم التي لا أعرفها؛ لكنها صديقة نصوصي، مع الأب والأخ والعائلة وبائع التبغ والخبز والفاكهة وسائق التاكسي وغيرهم الكثير، أجد نفسي مع الإنسان وهذا ما أسعى إليه في الشعر والقصة والنشر..
تقول في أحد الحوارات: “أن الشاعر الحقيقي هو الذي يصل بقصيدته إلى روح الشعر”. كيف يصل الشاعر قاسم سعودي بقصائده إلى روح الشعر ..؟
ربما لم أصل، هذا شيء يشبه المعجزة، أنا أحاول فقط الدفاع عن إنسانية الإنسان في كل ما أكتبه من نصوص، ربما أفشل في ذلك ربما لا .. أظن الوصول إلى روح الشعر يتطلب التماهي الكامل مع وظيفة الشعر الجمالية في صناعة الأمل والقفز فوق قسوة الكوكب..
عناوين إصداراتك ميزة هروبها إلى اللامتوقع واللامألوف يلمسها القارئ. كيف تعثر على عناوينك؟
من الألم ربما .. الألم الذي يمر علينا وسرعان ما يتحول إلى أمل، مفارقة قد تكون مضحكة ونحن في هذا الكم الهائل من القاطرات التي تعبر على أجسادنا دون أن نشعر بها فتسرق الأيام والأوطان والفراديس..
سؤال كنت تود أن يطرح عليك في كل الحوارات التي أجريت معك..؟
سوأل ما معنى أن تكون شاعراً ..؟ عادة أفكر… ما الذي جنيته من كل هذه النصوص الكثيرة والسعي القديم لكلمة “شاعر” .. لا شيء صدقوني لا شيء .. غير محبة الناس الذين أعرفهم والذين لا أعرفهم .. المحبة تبقى والشعر يزول .. فلا تتقافزوا .. القارب لم يغرق بعد..