أقول أو لا أقول

 

ينتهي النهار ولا ينتهي

يبدأ كشجرة سرو عملاقة تنحدر وتتسلق أعناق الشهوات  

بينما أجفان الشعر مؤرجَحة على آخرها

تفتح عيناً وتُغمض عيناً 

وجناح البحر يشاطر العاشقين تنهداتهم وحكاياتهم

وبينا فم القريحة يدخّن سيجارة الله

 يقول الشعر المتلألىء الجبهة، الجسور الهيئة:

– أتوق إلى أن أقتلع الأبراج العالية والبنايات الفخمة، وأن أضع مكانها نخيلاً، مغارساً، سِدرات، تمتدّ ترقص في أفيائها ضحكاتُ الظلال وجِهاتُ الشمس الأربعون.

تجيب السماء متبخترةً بسرابيلها الطويلة:

– انتبه! أخاف عليك أن تَشرقَ بماء الخيال، أن تخسف بك الوساوس، أن تقع كنطيحة منبوذة في هاوية الأرض العمياء.

تردّد الكلماتُ اللامرئية(في صمت محبوك من تمر ناضج):

– لماذا نشعر أنَّ المدائن مقفلةٌ، وأنَّ الخُطى إلى خيوط جرائرها مستحيلة؟ لماذا نشعر أنَّ القراطيس سوداء ومليئة بالنهايات؟

         لماذا النهاياتُ أقوى من البدايات هنا؟   

يكتب الشعر نسيمَه الأبديّ

ويُشعل سيجارةَ الله المركوزة في شفتيه:

– لا وطن يطمئن إليه الشاعر إلا ذاته الغريبة:طفولته المنكَّهة بزعفران المجازات، حقيقته المحفورة في جدار الوقت الآتي، رائحة الإنسان المنقوشة مثل أبجدية سكرانة بكؤوس الهذيانات … … …

 ينطق جسد الشاعر، بعد أن شُنق من لسانه:

– هذا أنا السائس طقوسَ القصيدة المكتنزة اللحم

القصيدة التي ليست قصيدةً، وإنما جراح تخترع الأسرار

 وإنما نور يتوالد في سديم المحو

زلزلة تشتهي أن تكون إلهاً يغازل حواءَ أو شيطانًا ينصب كمينا لآدم كي يُضيّع جنته القصية آلاف المرات

القصيدة آهٍ القصيدة

                       المليحة الملامح!

التي لها وجوهٌ تتسكع في خرائط الخطيئة

هذا أنا المعلّق من سلسلة الحروب الملتفة كحلزون لزج ضخم حول رقبة التاريخ

سأقول ما لا يُرى وما لا يُسمع وما لا يخطر على بال أحد

سأقول… … … …. …

… … … … … … … …

… … … … … … … … 

أقول أو لا أقول، هذا هو السؤال…

                                                                                                             شعر: عبدالله زهير