حوار شعريّ

Ahmad-Alsoudani_Untitled_2009

 

شاعر ممعنٌ في حنينه الذهبيِّ يسأل: 

– هل لفظَ الشعرُ أنفاسه الأخيرة؟ لماذا لا نلمس جذوته في النصوص التي تتناثر مثل الغبار الكثيف؟ لماذا لا تحركنا كهرباء الخيالات المتدفقة في نسغه؟ هل يا تُرى جفَّ نهرُ الكلام في لغة الكائنات؟

يقول الهواءُ المتوغلُ في شهوته المطمئنةِ للشعر:

– أجمل الشعر، غاياته الأكيدة: أن يخلخل عادةَالتوق، أن يحفر أهواءنا، أن يسافر في مستحيله الغامض، أن يخلع ما لايُقال من مستقره، أن يجاهر في الفسق، أن يزعزع أقنعة الممكنات، أن يفجر ماء اللغات. وذلك ما يصنعه الشعر إن كان رديفاً إلى شوقه لنهر الحياة المتدفق،

إن كانَ يباري سطور الزمان المتجدد الجلد، إن كان يُرقّص أخيلةَ الألوهات في مسرح سرمديّ الجهات…

ويرجع يسأل ذلك الشاعرُ:

– كيف، وذا زمن ليس تُقرأ فيه القصائد إلا كما يقرأ الليلُ عتمته المدلهمة إلا كما يقرأ الوحشُ أعينَ فرائسه؟

– بلى، إنّ هذا السؤال حق مباح. وما قيمة الشعر إن لم يغامرْ وإن لم يؤاخي جحيم السؤال وغاباته؟ بلى إنه الشعر يجرؤ أن يدخل باطن الموقنين ويسألهم عن الآخرين عن الكافرين عن الحائرين. بلى، إنه الشعر يجرؤ أن يسأل الله عن نفسه عن فراديسه المحجبة الوجه عن صمته الأبديّ عن سرّه المؤرجَح في بوابة الغيب عن سرّ التباس الحياة…

– وهل ثمة مفردةٌ، جملةٌ، شيءٌ يلخص ذاك الذي لا يُرى؟

– فلْتسَلْ: ما هو الحبّ إن كان للحبّ معنىً حدودٌ فواصلُ مفترقاتٌ؟ وسلْ:أيّنا يدعي أنْ سيفهم ذاك المموَّهَ مثل السديم الإلهيِّ ذاك الرهيفَ كحدّ السكاكين؟ من سيفهم معنى الفخامة في بدن الكلمات الرهاف؟ من سيعرف كيف تكون المسافات مكشوفة ًوغامضةً في مُروق الحكايات عن شكلها المخطّط قبلاً؟ ومن سيفهم أسطورة الصوت حين تكلّم في تلكم الأغنيات؟

 

                                                                                                                                    شعر: عبدالله زهير