تذكرة ذهاب إلى قصيدةٍ بعيدة

p03chxhv

صدّقوني إنها بعيدةٌ جدًّا

ولن  يكونُ الذهابُ إلى مدائنها مضمونًا إلاّ إذا

دفعتَ تكاليف الرحلةِ مِنْ جوفِ

جسمكَ الرخو: أرقاً، جنونًا

خيالاتٍ تترشحُ من زجاجها كائناتٌ سريعةُ الذوبانِ…

وها هي نفسُكَ الدائخةُ تحاولُ الخروجَ مِنْ نفسِها

كنتُ أتخيلُ أنني في رمشة عينٍ سأراها

سألاقيها وألمسُها كشاشةٍ ضوئية

هكذا في لحظةٍ خاطفةٍ.

لكنْ لو سألتموني، لقلتُ: إنها نائيةٌ وغيرُ مرئيةٍ

تكادُ لا تُرى إلا لمامًا في جغرافيا الحوَّاس والقلوب

والكلماتُ العاريةُ في جسدها البضِّ

متدليةٌ على شكلِ أثداءٍ تتصاعدُ مِنْ حولها الأبخرةُ الرماديةُ

والغيومُ الباهتةُ المخملِ…

إنها هناكَ وراءَ الجبالِ المصبوغةِ باللون الأسودِ

تمشي في تبخترٍ فطريٍّ

مثل بحيرةٍ هادئةِ المياهِ تصنعها الدهشةُ

لو سألتموني، لقلتُ: طائرةٌ بحجمِ الحلمِ

تسافرُ وتسافرُ إلى اللامكاناتِ  

وليسَ ثمةَ مناصٌ بعدَ ذلكَ إلا أنْ تتأملَ تفاصيلَ الحبرِ

في دفقاتهِ المستضيئةِ

إلا أنْ تقول: مرحبًا أيها الشّعرُ

انتظرناكَ طويلًا، وها أنتَ أمامنا واقفٌ

كحصانٍ عربيٍّ يصهلُ ويحمحمُ  

 مُستئنسًا برؤيةِ صاحبهِ الذي بالكادِ يُرى..

عبدالله زهير

اللوحة:جون ناش