خريف الّشمال
الظلالُ هنا في سماء الشمال
الشمال الإنجليزيّ
جائعةٌ إلى زُرقةِ البحرِ
ومثقلةٌ برمادها الباردِ
وإذْ يتحرّرُ النهارُ مِنْ رتابته بهدوءٍ
يغادرُ إلى بيتهِ الذي بلا صورةٍ
ثُمَّ ينحني كلُّ شيءٍ أمامَ رهبةِ الليلِ:
الطيورُ والفراشاتُ والدكاكينُ المتناثرةُ
والكائناتُ الوحيدةُ أبدًا…
كلُّ شيءٍ يتصاغرُ أمامَ هذا الوحشِ الهائل
الذي اسمه الليلُ.
فقط، وحدهم، المشرّدون
الساهرون في عراءِ الشوارع
يواجهونَهُ بأغطيتهم الممزّقة
ووجوههم المغبّرةِ
وبمزيدٍ مِنَ اجتراعِ القناني الكحوليةِ
ومراقبة المارةِ والغرباءِ والمتسكعين الأنيقينَ
بأعينٍ تأكلها المهانةُ
بينا هُمْ يربّتونَ
على بطونهم التي ما تزالُ خَمصى
يحدّقونَ إلى فراغِ الشمالِ
المُكتنزِ بليلٍ دبقٍ وزمانٍ لا زمانَ لهُ
وخريفٍ يسحبُ الأوراقَ مِنْ أشجارها
مُعريًّا إيّاها شيئًا فشيئًا…