فلسفة الأنا لدى أحمد برقاوي
مراجعة كتاب بقلم ماجد ع. محمد
مجلة دلتا نون
العدد الرابع – صيف 2015 – الاثنين 25 / أيار / مايو / 2015
خلاصة
في هذا الكتاب لا يكتفي أحمد برقاوي بوضع المشكلة على المشرحة أمام النخبة فحسب، إنما هو يُحرض العامة أيضاً على أن تتلمس أناها الوجودية، وأهمية الكتاب ليس فقط كامنة في جرأته على مخاطبة الناس بأسلوب يجرجرهم الى مضمار التفكر بكل ما يحيط بهم من العراقيل والمصدات التي تمنع عنهم رؤية الشمس، ولا شك بأن فرادة هذا المُنتج الفكري المُحرض والممهور بالتساؤلات الصادمة وعظمة مكانته تبقى بكونه صدر قبل الأزمة. فالبرقاوي بحق هو من الأوائل الذين حاولوا إشغال الانسان السوري بالأسئلة الكبرى، وليس من خلال هذا الكتاب فحسب، إنما أيضاً من خلال ما كان ينشره في زاويته في جريدة الثورة، ومنها على سبيل الذكر وليس الحصر ما كتبه في العدد الصادر بتاريخ 19/5/2009 حيث خص عموده آنذاك في البحث عن جمالية الشعور باللاء ورفض النعم الدالة على الخنوع والهزيمة، النعم التي كانت سيدة العرش لدى البعث والنظام، النعم التي لم يتجرأ أحد على تجاوزها ومغازلة ما يعاكسها ولو في الخفاء، بينما البرقاوي جاهر باللاء وحاول أن يؤجج ساحة الإنسان السوري بها، ليس في المخادع فقط، وإنما على صدر صحيفة النظام السوري نفسه.
لعل ما يؤكده أناتول فرانس بالنسبة لقيمة المكتوب في قوله بأن ((اللذة التي يعطيها الأثر هي المقياس الوحيد لقيمته))، يصح تأكيده هنا، إذ ثمة متعة ما ترافقنا في غرف المكتوب، بل وثمة جاذبية تفتح شهية القارئ على نهل المدون، بدءاً من الاستهلال فانتهاءً بالوقفات الخاطفة على الشذرات عقب الخاتمة، وما يشملها من تعارف موجزة لماهياتٍ عدة مع التركيز أكثر على الأنوات الوضيعة. وكأني بالمؤلف وعن سبق الإصرار تعمد في وضع هؤلاء في قعر المدون عله يُبقي ملامحهم المقيتة في البال ربما لأطول مدة ممكنة، لعل صورتهم النكرة تُنفر النابهين عن محاكاة طباعهم، وهو يذكرنا بقول السلف بطريقـــةٍ مغايرة، إذ يكفي النظر في النتانة كي نتمسك بتلابيب الطهارة من وحشة مرآها.
مؤلف هذا الكتاب هو الدكتور أحمد برقاوي، كاتب، مفكر، ناقد وشاعر. درس الفلسفة في جامعة لينينغراد عام 1973، وشغل منصب رئيس قسم الفلسفة في جامعة دمشق، وهو عضو بجمعية البحوث والدراسات، وأستاذ جامعي، يجيد بالإضافة إلى العربية، الروسية والإنكليزية. تجاوزت مؤلفات أحمد برقاوي الـ 14 كتاباً نذكر منها “مقدمة في التنوير”، و”العرب وعودة الفلسفة”، إضافة إلى “كوميديا الوجود الإنساني” وكتاب “الأنا” الصادر عن دار التكوين عام 2009، وهو موضوع هذه المراجعة النقدية.
يبدو بأن الهدم البنّاء من أول شروط الكتاب ومرامي الكاتب بدءاً من الأنا المفرد. والنسف هنا يطال الكثير من المفاهيم والتصورات، بل وهناك إصرار من قِبل الكاتب على خلخلة الركائز والتراكمات السابقة للمتلقي، بكون الأنا هنا محتفى بها أيما احتفاء بينما هي غير ذلك في قواميس الأولين. فهنا ثمة من يحضنا على التشبث بالأنا التمسك والاعتصام بها، بينما يرى بوذا، على سبيل المثال، بأن الأنا مقززة ومرذولة وبأن تلاشي الأنا هو الخلاص وإزالة الأنا شرط الاستنارة، ومحو الأنا هي النيرفانا. الأنا في هذا الكتاب منتجة للقيمة بينما هي غير ذلك لدى بوذا، إذ لا يوجد ظلم يقول بوذا إلا وينتج عن مرافقة الأنا، والأنا هي مبدأ كل بغض، كل جور، كل نميمة. هنا في هذا الكتاب غياب الأنا يدلنا على تلك الكائنات الخنوعة التي لا تملك ما يؤهلنا للحضور، بينما هي عند السالف ذكره منبع الخطيئة، وهي ليست سوى كومة من المركبات عالمها فارغ كحلم من الخيال. هنا ثمة تقريظ لأنا الواقع والحاضر، من هذه وتلك المفارقات يبدأ التصادم والشروع في التدمير لبُنى الكثير من الأفكار والتراكمات، فهو يهدم ويبني في آن، متفقاً بذلك مع أحد النقاد في رأيه بأن ((المهمة السامية للنقد لا تقتصر على زرع الشوك فقط، وإنما يجب أن تذهب إلى أبعد من ذلك، يجب أن تهدم، وأن تحرق، إن الذكاء هو أداة ممتازة للنفي)).
لا شكَ بأن الرغبة في قيامة الأنا والانتفاض بها صارخة منذ البدء، والنَفَس السوبرماني بالنسبة للمفهوم المطروح يبدأ من قوله: ((سيد الأسياد أنا يا عبيد القرود))، وذم كل من لا يملك أناه، ((وأن كل أنا ليس حراً ليس بأنا))، فالحضور القوي للأنا يتطابق تماماً مع رؤية الشاعرة النمساوية إنغيبورك باخمان * في قصيدة لها بعنوان “أنا”: ((أنا لا أتحمل العبودية، فأنا دوماً أنا، وسأظل هكذا أنا، حتى قوتي الأخيرة، لهذا أنا واحد فقط أنا دوماً أنا، لو تسلقت أنا، فسأتسلق عالياً وإن هويت فسيهوى كلي)). ولا شك بأن في الكتاب ما يحرض على الإتمام والمتابعة من خلال تصريحات الأنا الكيانية والاستفزازية والنبرة القولية الواثقة بدءاً من قفلة مقدمة الكتاب: ((هذا كتابي أنا وليس كتاب أحد غيري، فالبيان الـمُجاهر بكل تجلية يذكرنا بقول مونتين * وإعلانه كتابي هو نفسي، ولا يشمل إلا حديثاً عن حياتي، وأعمالي إنما صوَّرت فيه نفسي، فأنا بذاتي مادة كتابي)).
ورغم النية التدميرية في العمل والصفعات الأناوية فثمة متعة ما تلازم القراءة، وذلك من خلال التجانس الـمُتقن بين محاور الكتاب، بيان الأنا سياسياً واجتماعياً وثقافياً وفكرياً باعتبارها بيانٌ للأنا المطوب وجوداً وحضوراً وممارسة، بيان الأنا لحد الفتون والإعجاب، ورب قارئ من نوعٍ ما سيتدله ويصطدم بنرسيس بول فاليري * بين السطور: ((أنا نرسيس المحبوب، فلست أبالي إلا بذاتي وكياني، وليس لشيٍء سواي عندي إلا قلب غامضٌ، وكل شيء سواي ليس إلا عدماً، أحب وليت شعري من يستطيع أن يحب غير نفسه)). إلا أن الفارق هو أن نرسيس افتتن بذاته بصرياً، صورياً وشكلياً، بينما هنا الأنا قيمة أعلى، فهي فكر، ورؤية، وموقف، وفلسفة، وإدراك … إلخ. كما أن المؤلف غير حيادي حيال الأنوات مطلقاً، بل ويعلن انحيازه التام للأنا القيّمة، فينتخب مرشحي الأنا الصاعدة صوب العُلا، ويُسقط مُركلاً الأنوات السمجة والموبقة والمنحطة من قائمة المرشحين لمصاف الأبهة، مبتدءاً السؤال من الأنا العارفة لذاتها حيث الفصفصة الكاملة لفقه الذات. فالأنا العارفة تعطي صك القيمة المثلى لأنواتٍ كانت تنظر إلى ذواتها باحتقارٍ واستصغار بسبب البعد الطبقي أو الإثني أو الديني أو الاجتماعي، انتقالاً إلى النظام المتعالي الذي يغلفه الأنا في سيره وصيرورته، متناولاً عالم القيم الأخلاقية في الريف والمدينة والعادات السائدة بين الناس على اختلاف مشاربهم، والتساؤل عن ماهية الأنا المنبوذة والبحث عن منبع الأنا الشريرة والمكروهة التي تحاول اختراق ما هو ناصعٌ وخيّر، طالما كانت المفاهيم الدالة على القيم الإيجابية واضحة ومناهضة لما يعاكسها من الشيفرات السبية، إذن فالخير هو خير الأخرين والشر شرٌ واقع على الأخرين، سواءً على مستوى الأفراد أو المؤسسات، وصولاً إلى حال النُظم السياسية وقوله بأن ((النظام السياسي نظام يفرضه الحكام لممارسة السلطة والاستمرار بها، هو نظام قمعي بالضرورة)) لأنه يفرض خضوع الآخر له. فالسلطة تعمد إلى تهميش الأنا وتخافها بنفس الوقت، وما خوف السلطة من الأنا إلا باعتبارها ذات كيانية لها وزنها المعنوي، لأن شموخ الأنا وتسامقها مراراً ما يقودان صاحب أناه إلى رفض الإملاءات أو الإذعان والركوع، لهذا لا يناسب السلطة وجود الأنا المعتدة بين رعاياها. كما أن هناك فزعاً حقيقياً من الأنا الواعية والمفكرة والمبدعة باعتبارها مزاحمة لأنا السلطان وسطوة وجوده. أما الأنا العادية هنا فهي المبتذلة والسطحية والمستكينة والقنوعة لا نتيجة التفكير والاختيار من بيت تعدد البدائل، إنما هي بسبب رعديدية بنائها الانهزامي، على خلاف الأنا المتمردة التي تأبى الخضوع والامتثال للأوامر الخارجية.
وفي موقف الأنا السوية من الأنا المتمردة يؤكد المؤلف بأن ((الأنا السوي يعيش تناقضاً داخلياً فاجعاً، إذ ففي الوقت الذي يرضى بالعالم كما هو ويؤثر السكينة ويخاف المغامرة، تراه يكن تقديراً عالياً للأنا المتمرد الذي يفرض هيبته على الأنا السوي)). فالمتمرد محسود على جرأته، على إقدامه، على إبائه، على كاريزميته، والسوي مُنبهرٌ به ومجذوبٌ إليه احتراماً وتقديراً، فيما الأنا المتمرد يكن احتقاراً داخلياً للأنا السوي بكونه هش واستسلامي وعالة على الأنا الثائر، لذا هو حديث سخرية واستهزاء المتمرد، فيما الأنا الحرباوي والوصولي والعدسي (نسبة للعدس)، ذلك الذي يستحيل التمييز بين وجهه وقفاه، هي أنوات مقززة ومُستصغرة ((بكون الأنا الوضيع هو مريض حتماً بالأنانية، فلا يفكر إلا بتحقيق مصالحه الذاتية، بينما الآخر غائب غياباً مطلقاً، الآخر بما هو قيمة إنسانية عليا)). ويختتم الكاتب الفصل بأن ((التاريخ الثقافي هو في نهاية الأمر ثمرة الأنا المبدعة)).
وفيما يتعلق بانشطارات الأنا وتعددها كهويات متحولة وثابتة في آن فنقرأ ((إن الأنا الواحد يعيش أزماناً متعددة في زمن واحد، ويعكس بنيات مختلفة وهو يعيش تناقضاته دون أن يحس ويطمئن إليها من دون اكتراث لزئبقيته المعُاشة، ما يُحيلنا الموقف منه إلى ما يورده الدكتور منذر خدام* في كتابة أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة بقوله لقد أصبح الإنسان العربي المعاصر يجمع في ذاته المتناقضات دون أن يشعر بإحراج من ذلك، ففي الوقت الذي يقبل على استهلاك آخر منتجات الغرب وصرعاته باندفاع ورغبة، نراه يحجم وبعناد عن تقبل طريقته في التفكير، وأسلوبه في التنظيم والإدارة المجتمعية)).
أما فيما يتعلق بانشطارات الأنا والموقف من المرأة يُذكرنا المؤلف بالشيوعيين وموقفهم المتناقض ليس من المرأة فقط، بل ومن الفكر برمته. فقد كان الواحد منهم يتحدث ليل نهار عن حتمية الاشتراكية باعتبارها نهاية التاريخ، وإيمانه المطلق بالماركسية التي من البدهي أن تقود معتنقيها إلى نكران كل ما يتعلق بالماورائيات، بما أن النظرية تلك تنسف أركان وبنيان الثيوقراطية جملةً وتفصيلاً، لكن مع ذلك كان بالإمكان رؤية الواحد ممن يؤمنون بتلك النظرية متأبطاً سجادة الصلاة في يساره وقابضاً على رأسمال ماركس بيمينه وهو متجه صوب القبلتين في آن، ففي وضعية السجود هو يحوم في أرجاء السعودية وحين القيام يسرح بخياله في الساحة الحمراء، مدعياً التحرر والانعتاق في مجالسه التنظيمية وفي الوقت عينه تراه يُلحّف حَريمه بالبراقع والجوادر في الحارة خضوعاً لقرارات مجتمعه المحافظ أو خوفاً من غضب العائلة. فالأنا هنا ليست منشطرة فقط بل هي تنوس بين حضور الأنا تارة وغيابها الكلي تارة أخرى، إنها متشظية، ومتذبذبة، ومتثعلبة، وكاذبة في المقام الأول. هو أسير واقعه إذاً، والأنا في الأسر عند المؤلف ((هو أسير البيئة، أسير الكهف، أسير المقابر، أسير الأصنام، أسير كل ما هو خارج أناه، والأنا لا يستطيع التحرر من أسر البنية إلا إذا تحطمت هذه البنية)).
يعوِّلُ المؤلف على الأنا الفرد، إذ باستطاعة شخص ما فعل ما لم يقدر على فعله حزب بأكمله. كما يؤكد على عدم الاستهانة بدور الأنا الفرد شرط أن يكون هذا الفرد صاحب الأنا الفاضلة معنياً بالتغيير وقاصداً فعل ما يفيد البشرية إذ ((رب اقتلاع حجر واحد من العقد يؤدي إلى انفراط العقد كله))، فهنا دور الأنا الفرد كبير جداً، خذ مثلاً ما طالعتنا به كتب التاريخ وسير الملوك والأباطرة عن أشخاص محددين غيروا مسار الأحداث، ومنهم من صنع تاريخاً بمفرده. وللمساهمة في تغيير المسارات وخلخلة الركائز والتحرر من أسر البنية لابد من تحطيمها ((لأن البنية أشبه ببناء عقد لا ينفع معه الضرب من الخارج بل لابد من تحطيم العقد بحركة من الداخل، من الأدنى إلى الأعلى)).
الأنا ليس أسير السلطة السياسية فقط أو أسير القبيلة وحدها أو أسير بيئته الاجتماعية، إنما هو أسير المال أيضاً تلك ((القحبة المشتركة للبشرية كافة))، وما يُهرق في سبيل الحصول عليها من غالٍ ونفيس، لأنه قد يُلازم المرء هواجس الثراء طوال حياته ليفوز به، إما بعد أن حرم نفسه من الكثير لقاء الحصول عليه أو فقد الكثير لأجله، مع علمه بأن ((الطريق إلى المال يحول المرء إلى شيءٍ من الأشياء، إلى سلعة إلى عبد إلى محطم لعالم القيم الإيجابية. فالمال غدا غاية كبرى لدى مُنسفي القيم))، إلى قوله بأن ((لا شيء يحررنا من الصنم إلا إذا حررنا المجتمع من الملكية)). أهي دعوة إلى المشاعية؟ وحلم العودة إلى ما قبل الملكية؟ إذ علّ العودة تعيد إلينا بعضاً من أنانا الـمُفتقدة في ظلال التملك، لأن هاجس التملك غالباً ما يتبعه طقس الركون والانكفاء بل الرضوخ أحياناً. يذكرنا ذلك بما قاله يوماً الشاعر أحمد فؤاد نجم رداً على السؤال المتعلق بالخوف والملكية في قوله بأني ((لا أخاف لأن ليس لديَّ ما أخافُ عليه*)). فالمال أو الـمُلك برمته يُجبران الإنسان على الامتثال لأوامر الملكية، والقبول ولو على مضض بقراراتها. وفي الانتقال من صنمية المال إلى صنمية السلطة السياسية، حيث الصنم السلطوي هو ((الصنم الأوحد الذي يختصر كل الأصنام التي قدمتها البشرية في مرحلتها الأسطورية))، فالدكتاتور الصنم هو ((إله الحكمة فلا ينطق إلا بالقول الحق، وكلماته مطلقة قولاً وفعلاً، وهو إله الخير، الصنم الذي لا شغل له إلا السهر على سعادة البشرية، إنه منبع العطاء ومانح القوت ومصدر المكرمات، فيعطي العطايا دون حساب، وكل ما في العالم من خير فهو منه، مالكُ المُلك يقسم الأرزاق على من يشاء)). من الملاحظ هنا الشبه بين صفات اللّه ومؤهلات الصنم، بين إمكانيات اللّه وقدرات الصنم، فثمة مزايا ومؤهلات يمتلكها الصنم بينما يفتقدها اللّه إضافة إلى أنه، أي الصنم الديكتاتور ((إله الجمال أين منه فينوس، فصوره المتنوعة تزين الشوارع والحارات والمدارس ومداخل الأبنية، نُصبُه وتماثيله تزين الساحات والطرقات، وجهه على ظهر العملات الورقية والمعدنية، إنه إله الجمال، حاضراً في كل قيمه، أينما وليت فثمة وجه الدكتاتور، إله الثورة وإله الحرب وإله الرحمة والقوة والشجاعة))، إنه زيوس عصره ووحده من يهب الآلهة الصغرى صفاتها وقدراتها وديمومتها.
يبدو لنا بأن صورة الدكتاتور الصنم لدى المؤلف متقاطعة وموازية لصورته لدى القاص الإيطالي دينو بوتزاني* في مجموعته المترجمة من قِبل الدكتور منذر عياشي عن مركز الإنماء الحضاري، حيث الدكتاتور عنده ((هو الموسيقي الكبير، الطبيب الكبير، وهو رجل المال الكبير، وهو العالم الكبير، وهو القائد العام، والصناعي الكبير، وطبيب التشريح الكبير، والشاعر الكبير، بل إنه مجموعة أشخاص في شخصٍ واحد، وإنه ليمشي ضائعاً في هذه الحماسة التي لا توصف، بينما كانت العمارات تصطف من حوله، وكانت نيتها البديهية تقديم التحية، وإذا كانت لا تستطيع أن تنحني تحية له، فمرد ذلك فقط لأنها كانت مبنية من الحجر والحديد والإسمنت والطوب)). ولعل صورة هتلر وستالين دائماً في البال عندما نتحدث عن الصنمية، بل ويمكننا إضافة أصنام كثيرة من بلادنا الشرقية وما أكثرهم. إلا أن المؤلف يصر على أن ((أصنامنا أدنى من أن نفرد لهم بحثاً خاصاً، إنهم الصور الكاريكاتورية للأصنام الكبرى))
في فصل “نفي الآخر” نقرأ عن ذئبية الإنسان العاقل، تلك التصرفات الآدمية التي تتجاوز حدود الحيونة في الحروب الأهلية والمعارك. عموماً ليس العنف الجسدي وحده يُعبر عن هذه العدوانية المتأصلة، إنما هنالك طرائق متعددة لممارسة العدوان فالتجاهل، والتعتيم، والإقصاء، والإلغاء، والنفي، كلها أشكالٌ أخرى لدحر الإنسان ناهيك عن النحر المعنوي، إذ هنالك محاولات كثيرة لمصادرة صوته في البوح والشكوى. وفي هذا المجال لدينا في مدننا وقرانا من العنف الرمزي ما يكفي تصديره الى عشرات الدول. وللتوسع في موضوع الممارسات اللا إنسانية للإنسان يمكن العودة إلى كتابَي “تاريخ التعذيب” لبيرنهادت ج. هروود و”حيونة الإنسان” لممدوح عدوان.
أما في باب الكذب نقتطف ((إن السبب الأول لاقتراف نقيصة الكذب هو الخوف))، فيبدأ الكذب من المنزل ثم يتعاظم عقب النزول إلى الشارع والانخراط في المجتمع. إذ تبدأ الكارثة الكذبية بالخوف من الأب فالأخ والأعمام والأخوال ثم من رجل الأمن … إلخ. وكلما كبر الخوف تضخم ملف الكذب ((فيستمر الخوف من قول الحقيقة إلى أن يتجّذر الكذب ويستقر في الذات الكيانية لتغدو صفة ملازمة لها أينما حلت))، إلى أن يبلغ الكذب مراقي الاستثمار، لتغدو وسيلة لتحقيق أهداف ما، وسلاحاً يومياً يعتاش من وراءه ((إذ في القوة الغاشمة للمصلحة الانتهازية فتراه يتحول إلى وحشٍ كاسر في علاقته مع الآخر باعتبار أن الانتهازية في أحد ملامحها هي فقدان المرء لكرامته الإنسانية والإحساس بقيمته البشرية، لذلك قد يصبح ذلك الكذاب الانتهازي جاسوساً أو عميلاً أو مندوباً يعمل لصالح جهة ما، بكون المخبر يعيش خارج القيم التي تمنع الأذى، إنه كائن واع لما يفعل، واع لفعل الشر، إنه الخلو من الضمير كقوة إرادية، وهو يدرك وضاعة نفسه)). لذا فالقصيدة المستلة من “أنشودة المطر” للسياب قاربت صورته الحقيقة وهو بكامل دناءته وقُبحه، فهو، أي الـمُخبر، محتقر ومرذول ومنحط، لهذا فهو يعيش حالة الخوف الدائم من الآخر، لأن الآخر سلطة أخلاقية، وهو يخاف النظام المتعالي، فيحاول تكبيل الآخر بالأغلال، ظناً منه بأنها تحوِّل الحر إلى عبد، ناسياً أن النفس الحرة تظل حرة وهي مصفدة بالحديد)).
يعمد المؤلف إلى إقحام القارئ في الموضوع وحضه على خوض تجربة الاستنباط من خلال ترك فراغاتٍ على أمل أن يستكملها القارئ، ويعيدنا ذلك إلى أجواء اللذة النصية لرولان بارت* في قوله بأن ((أي نص عن اللذة لن يكون إلا تسويفاً، وسيكون مدخلاً لشيءٍ لن يكتب أبداً)). لذا كان الحديث عن الـمُخبر ومن يُخبر منقوصاً غير مكتمل يحتاج إلى تتمة القارئ لتكتمل صورة العميل والمعمول بأمرته، فأعطى صورة وافية للمخبر من خلال طقوسه وعاداته وسلوكياته فتوقف عنده، ولم ينتقل إلى الطرف الآخر المعني بالخبر والمتشوق لسماع كل شاردة وواردة يلفظها الناس. فعرفنا المخبر وهو بكامل قذارته من خلال رسمه المتقن من قبل المؤلف، ولكن أين مُعلمه الذي أبقاه المؤلف خارج اللوحة؟ لقد ترك المؤلف بذلك مساحة وافية للقارئ علّه يبدع بذاته في خلق عوالم من لم يفصح عنهم المؤلف، كي يكون القارئ مشاركاً في صنع الكتاب ((فلذة الجملة لذة ثقافية جداً، وأنه كلما ازدادت الثقافة، تعاطت اللذة وتنوعت)).
أما في باب الترخيص للقتل، يستقصي المؤلف حال من يعطي المبررات الدينية أو الدنيوية للقتل من خلال شرعنته للحياة التي وهبها اللّه، وذلك من خلال فصل الرقاب باسم الدين وبتر الأوصال باسم الوطنية ونحر الأعضاء باسم القومية، بخاصة مع ما يحدث اليوم من انتهاكات وحروب ودمار، فبدعوى الجهاد يشرعن الذبح وباسم الحرية يرتكب المجازر، فتفتك الأممُ بالأممِ وتغزو الشعوب شعوباً تحت مسميات شتى، ولكن ((ما هو أخطر من القتل، هي أيديولوجيا القتل، الأيديولوجيا التي تشرعنه وتتغزل به)).
للصراحة فالكتاب هو أشبه بقاموسٍ معرفي سلوكي مخصص لطبائع الناس على اختلاف مستوياتهم، إنه معجم الأنا في كل تقلباته، مع الميل أكثر إلى ماهية الأنا الفردية العارفة. وفي الكتاب مؤشرات جمة لاتخاذ المواقف والتأمل وإعمال الفكر، لا من خلال الوعظ والإرشاد، إنما من خلال النقد اللاذع والقصف المتواصل لمواقع دنيئة ومنحطة وخانعة في بعض الأنوات. وليت بمقدورنا إيراد كل ما نال إعجابنا في الكتاب، لكننا نكتفي ببعض المقتطفات.
ففي قسم الإحباط والوجود المأساوي يُركز المؤلف على أن ((المكتنز بالأحلام والآمال هو في الأغلب أنا متمرد ومن الصعب أن يصل إلى لحظة الرضى والاطمئنان الدائم، كما أن الإنسان الذي يعيش الوجود المأساوي هو ليس أكثر من شيء، لأن الإنسان الشيء هو الوحيد الذي يعيش لحظة الألم المتولد عن الإحباط، الوحيد الذي تتحول لديه الحياة إلى عالم مبتذل)). وبما أن الوجود الإنساني تلازمه المأساة، وخاصة في ظل الأنظمة التوتاليتارية والحكومات الفاسدة برمتها، لذا فسيغدو تافهاً من لا يشعر بمأساة الآخرين ويدير ظهره لهم بحسب ماركس.
وفيما يتعلق بالحنين فيوضح بأن ((الانتظار حنين دائم لأن المكان المؤقت لا يسمح له بأن يحلم إلا بالعودة)). وعن وجود المغترب نقرأ بأن ((أشد الناس اغتراباً أشدهم وعياً، وأن النفوس المغتربة هي النفوس النخبوية بالمعنى المتعلق بالوعي))، باعتبار أن وعي الإنسان مُقلق، وأنه كلما ازدادت مداركه اتساعاً تقلصت مساحة الاطمئنان لديه وضاقت به الدنيا. وفيما يتعلق باغتراب المرأة ففشلتُ حقيقةً في الاقتباس من شدة تماسك الفقرة وتشابكها، وخشية الإخفاق في الاقتطاف لذا أترك المهمة للقارئ النهم. أما عن اغتراب اللاجئ فنقرأ بأن ((له مكانين، مكان دائم لا يعيش فيه، ومكان مؤقت يقيم فيه، إنها الإقامة الدائمة في المكان الدائم هناك، والإقامة الواقعية في المكان المؤقت هنا، فينشطر زمانه إلى زمانين، زمان معيش في الآتي غير الواقعي، وزمان معيّش في الحاضر)). ويرى المؤلف بأن ((اللاجئ متمرد بالضرورة، ويصل تمرده الأعلى حين يقرر أن يعود بالقوة إلى وطنه حين يصير ثائراً لتجاوز اغترابه)). وفيما يتعلق بالذين اختاروا منافيهم طوعاً بحثاً عن فرص العمل والمال أو سعياً وراء خلاص الذات أو هروباً من الواقع، فنرى بأنهم ينصدمون وتخيب آمالهم بكل ما كان يراود أحدهم قُبيل هجرانه فـ ((في المهجر المؤقت يظهر الأنا خَنوعاً مسالماً راضياً وقابلاً لأي عمل قد لا يقوم به في وطنه الأصلي))، وحين يعود أناه الأصلي فيفقد الإنسان أناه في الغربة، فتظهر استكانته وتذللّه بل وخنوعه أيضاً على حد قول أحد المتصوفة إن ((الغريب بحيث ما حطت ركائبه ذليل، ويد الغريب قصيرةٌ ولسانه أبداً كليل، والناس ينصر بعضهم بعضاً وناصرهُ قليل))، تلك هي حالة المغترب الذي أنشد الراحة والمستقبل الواعد والبحث عن الخلاص وناشد صون الكرامة، فإذا به يفقدها جميعاً دفعة واحدة. وفيما يتعلق بالأنا المعزول فنقرأ ((إن المثقف الذي يوظف ثقافته من أجل مصالحه الأنانية الفردية، ولا يحول ثقافته إلى عنصر نشاط فعال من أجل الآخرين هو مثقف معزول)). أما المثقف الوطواط فهو ((المتشرنق في أنانيته حيث يبني علاقة زائفة مع الحقيقة أولاً ومع الحرية ثانياً فهو موظف عند أناه، يحول ثقافته خادمة لأنانيته، إنه العدو المطلق للإرادة الحرة والمدافع الفج والعلني عن الاستبداد، لأنه لا يستطيع أن يعيش ويحيا إلا في عالم الاستبداد والمجتمع الراكد والفساد السياسي، هو أسير الظلام وهو مجبول بماء الكره ذي الرائحة العفنة، يكره المعرفة والعلم)). كيف لا والمعرفة والعلم نوران؟ بل إنه، أي المثقف الخفاش ((نفسٌ وضيعة وهو يكذب باستمرار لأنه بالأصل عدو الآخر وهو عدو الحقيقة بامتياز)). وعن أمر النسبية في قراءة النصوص فنقرأ ((إن النص العظيم هو الذي يسمح بقراءات متعددة وقد تكون مختلفة)). وعن تقهقر العلم وتناقضاته فيرى المؤلف بأن ((تراجع الاهتمام بالعلوم الإنسانية سبَّب فقراً في الوعي، ذلك أن في العلوم الأساسية يتلقف المرء المعلومات ويحفظها دون أن يتساءل إطلاقاً، فالعلوم الإنسانية تُعلمنا التساؤل فيما العلوم الطبيعية تُعلمنا كيف تخزن المعارف في الذاكرة، ومن هنا نفهم لماذا أغلب الذين يحصلون على التعليم العلمي فقط يعيشون ازدواج العلم والخرافة، فيما جلُّ أصحاب العلوم الإنسانية يتمتعون بعقل طليق وبوعي علمي سليم)). وفي القيم نقرأ بأن ((الشفقة ليست عاطفة، الشفقة سادية ملطفة تلذذ باحتقار الآخر)). وفي الحب نقتطف ((من يخاف شيئاً لا يحبه))، متسائلاً هل يا ترى في تهافت الفيالق البشرية الواقفة في طوابير الارتزاق، مادحة وممجدة ومصفقة ورابطة كينونتها بنِعال السلاطين، فهل هي تحبه أو تخافه؟ وأليس على السلطان أن يتقزز من رؤية هؤلاء الدجالين الممسوخة أناهم ويحتقرهم بدل جذبهم؟ ويتخلص منهم عوضاً عن المعارضين الحاضرة أناهم بكامل قيمتها؟ أم أن السلاطين يحققون متعة ما من خلال تهافت هؤلاء المتزلفين؟ وفي الحب أيضاً نستل تلميحاً مهماً ورأياً شجاعاً من خلال الجملة المقتطفة من بين آلاف الجُمل بقوله بأن أعظم قيمة في الإسلام هي في قول ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) باعتبار أن هذه الفقرة أهم من كل الطقوس الدينية، لأنه ((الطقس الوحيد الذي يشعر به الإنسان بإنسانيته)).
وفي الخاتمة يؤكد المؤلف على الأنا الحر، لأن ((الأنا الحر هو الأنا القوي بالضرورة، فالأنا القوي الحر يختار السجن دفاعاً عن حريته، والأنا الضعيف يختار قيده في الدنيا حيث تتحول الدنيا إلى سجن، والأنا الحر هو الأنا القادر على الظهور الحقيقي وليس الظهور فقط)). الأنا الحر ليس لديه ما يخشى عليه، وقوته إضافة إلى وعيه مستمدة من عدم انشغاله بمسألة الامتلاك. وهنا تعيدنا الذاكرة إلى ما قالته يوماً الشاعرة البلغارية بلاغا ديميتروفا* في قولها ((أنا هكذا أكثر قوة، فليس لديَ شيء أفقده، وليس عندي ما أرتجف خوفاً عليه، فلن أتلفت خوفاً من شيء، لذا فإنني أخرج دونما خوف لأجابه رياح هذا العالم)).
وفي الشذرات التي تلت الخاتمة فثمة تعاريف مُلخصة أو إعادة تأكيد لبعض ما مر وهي بمثابة فلاشات، وكأن ثمة إصرار واهتمام من المؤلف على أن نختتم الكتاب بنفس اللذة التي ابتدأنا بها. وفي الوقفة مع الفيلسوف ثمة أختام لا يمكن تجاوزها مثل ((الفيلسوف أنا يفكر ولا يحط إلا على النار، وكلما ازداد قدرةً على الطيران، فهو يحب النار لأنه لا يحب أن يرى العالم رماداً والفيلسوف لا ينزل الوادي كي يخاطب البشر بل يبقى في القمة ويدعو البشر إلى الصعود إليه، ولأن أكثرهم يكره الصعود يكرهونه، والفيلسوف لا يمضي عمره باحثاً عن النور لأن رأسه قنديل يشعله بشرارة من قلبه، فلا يتلاشى نوره لأنه منه)). كما أن المؤلف يطالب المتمرد أن ينقض على الوطواط في نفسه لأن ((من لا يقتل الوطواط القائم في نفسه لا يتمرد، المتمرد ديناميت من روح لا تعرف أين تنفجر)). بينما الشاعر كالفيلسوف ((يطل من شرفة الوجود والشاعر يرى ما ليس يرى بالعينين، يخترق الخفاء ويضعه بين أيدي النفوس التي تحب الكشف))، فيما يقول عن الطاغية ((الديكتاتور أمهر مُعبِّد للطرق نحو الموت والدمار))، وفي الموقف من الأنوات الوضيعة ثمة نَفَس سوبرماني يحاكمها ويعالجها ذلك بقوله بأنه مخطئ من يحترم البشر لأنهم في هيئة بشر تأكيداً لقول نيتشه ((لا تصافح كل من لاقيت في طريقك، إن من الناس من يجب أن لا تمد إليهم يداً بل مخلباً ناشباً))، لأن ((احتقار الوضيع تقوى، والوضيع من لم يجرب الصعود يوماً فآثر الإقامة في التحت، كل الذين أدمنوا الإقامة في التحت تحوت))، فهو يحتقر الذين يعيشون عمرهم متنكرين ويراه وضيعاً كل من يخاف الفضيحة، والوضيع لا يحب أناه بل يكره الآخر.
وفي الصفحة الأخيرة ثمة إعادة لمشهد الأنا الوضيع علّ صورته تبقى في البال لئلا نخطئه إذا ما صادفناه من خلال رسم معالمه وسماته، لذا فحتى في آخر التفاصيل لا يهملها، إذ نكاد أن نقبض عليه ونحن سائرون، لأن ملامحه بدت واضحة حيث الوضاعة تفوح منه، متلاقاً بذلك مع ما ذهب إليه الشاعر الصيني باي داو*بقوله ((إن النذل يحمل سفالته فيما حوله مثل بطاقة هوية، ويحمل الرجل الشريف كرامته مثل نقش على ضريح)). فالأنا الممجدة هنا لا شك هي غير التي قصدها وذمها بوذا في كتابه، فالأنا هنا ناصعة قوية بمنطقها لا بجبروتها، سامقة بحضورها الكلي، صاعدة بكل ثقلها المعرفي لا بخفتها الطاووسية. هي الأنا المتفوقة على ذاتها وذوات الأنوات الهشة، هي الأنا المحمودة بنورها والمباركة بصك عزتها، هي الأنا المنطلقة صوب العُلا والكمال. ومن تأثيرات العمل يبدو لي بأني بدأت أتلمس أناي بعد الغَرف من هذا المعين الثر، مؤكداً بذلك قول الانطباعيين بأن ((الناقد لا يمكن أن يخرج عن ذاته حين يتكلم عن كتب الآخرين، وأن الناقد الانطباعي يجب أن يعلن أن غايته هي ألا يتكلم إلا عن نفسه)).
المراجع:
ـ النقد الأدبي، كارلوني وفيللو، منشورات عويدات، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى1973 ص 73-71 .
ـ إنجيل بوذا، ترجمة سامي سليمان شيا، دار الحداثة، بيروت، الطبعة الأولى 1991ص:17-18-67.
ـ أنطولوجيا شعراء النمسا، إنغيبوريك باخمان، ترجمة وإعداد بدل رفو مزوي، دار الزمان للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى 2008 ص197.
ـ مختارات من الشعر العالمي، بلاغا ديمتروفا، المترجم، عيسى فتوح، دار كيوان للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2007 دمشق ص155.
ـ الجنرال المجهول، دينو بوتزاني، مختارات قصصية، ترجمة منذر عياشي، مركز الإنماء الحضاري، الطبعة الأولى2002 ص 108-109-110.
ـ عيسى فتوح، دراسات في الأدب والنقد، ومنشورات اتحاد الكتاب العرب، سوريا 1991 ص 96 .
ـ لذة النص، رولان بارت، ترجمة د. منذر عياشي، الإنماء الحضاري، حلب، سوريا، الطبعة الثانية 2002 ص 43-87 .
ـ مجلة دبي الثقافية، العدد 48 أيار 2009 شعر باي داو، ترجمة د. شهاب غانم ص : 119.
ـ د . منذر خدام، أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة، دمشق 2004 وزارة الثقافة ص 110.