يا قلبيَ يا يوسفُ
فلْتغتمِضْ، يا قلبيَ الأبلهَ، عيناكَ
ولتنمْ آمنًا هانئًا
في هذا البئرِ الخالي مِنَ الماء
الخاوي تمامًا مِنْ أيِّ همسةٍ أو رعشةٍ أو خديعة أوْ وجهٍ نَكِدٍ
نَمْ وغُصْ عميقاً في بئرِكَ
كحجرٍ ساكتٍ مِنْ أحجارهِ الجليلة العتيقة
هنا، داخلَ البئر لا أحدٌ يأتي إليك
لا يمكنكَ الذهابُ إلى أيِّ أحدٍ
وحدَها فقطْ
تربضُ هاويةُ يأسكَ الخلّابةُ الآسرةُ ذاتُ السجايا الجذلانة
فاتحةً ذراعيها الراغبتينِ في العناقِ السَرمديّ
… …
أغمِضْ عينيكَ باطمئنانٍ يا قلبيَ البريء
وثقْ تمامًا أنَّ هذا الجُبَّ حصينٌ بما يكفي
كقلعةِ “آلموت”
حيثُ تنسَّكَ ذلك النسرُ الجسورُ في أغوارِها
تأبّدَ بينَ أسوارِها
واغتسلتْ في ماءِ ظلالِها روحُهُ آلافَ المرّات.
… … …
بئرٌ مجرّةٌ ملكوتيةٌ
أُفرّغُ جميعَ ضَغائني ومآزقي في ثقوبِها السوداء
وأخلقُ في فضائها ملياراتِ النجومِ التي ما تفتأُ تتشكلُ
تنضجُ بكاملِ شحمِها وعظامِها وأعصابِها
وترسمُ في النهايةِ تجويفًا هائلاً يشبهُ تمامًا قلبيَ الساذجَ
وداخلهُ تسبحُ أجسادٌ مُغبشّةٌ تائهةٌ لحبيباتيَ اللواتي لا أعرفُهنَّ
ولا يعرفْنَنِي…
عبدالله زهير
اللوحة(قيلولة) للفنان الهولندي فان جوخ