مرايا الخراب

tha2a-28366

في آخرِ الأرْضِ الخرابِ

دمٌ يُغنيِّ خِلسةً

ودمٌ يقولُ : أنا نشيدُ اللهِ

لا لغةٌ تشابهُ أعيني

وفمي هو الليمونُ أعصرهُ

فيشربهُ الجنونُ المستحيل.

في أوَّلِ الأرضِ  الخراب

خرائبٌ مثل القلاع

وشاحُ سيدةٍ تنوحُ

تسيجتْ  شكلاً خرافياً

 يسافرُ صوبَ تاريخٍ تمزقَ

وانحنتْ ظلاًّ طويلاً لا يزول

 

 

في داخلِ الأرضِ الخرابِ

حجارةٌ في عمقِ مرآة الخرابِ

وجوهُ أطْفالٍ تنامُ على الرَّصيفِ

تنامُ تحتَ الشَّمسِ عاريةً

وترفعُها أَكُفُّ اللهِ نحوَ الصمتِ

أشلاءً فأشلاءً

فيعرى مِنْ خُطاهُ الموتُ

ثُمَّ تبتديءُ الفصول

***

شفتي المشقّقةُ النوازعِ تجتني

وجعَ المساءِ كمثلِ قمحٍ

أوْ كأنَّ الظلَّ في هذا المساءِ

خريطةٌ مشنوقةٌ

وكأنَّ أعينهُ تشقِّقُ ما تخبئُهُ النهاراتُ الفجيعةُ

………….

يا هواءَ الليلِ

سافرْ بي إلى  زمنِ الخرائبِ

لي هناكَ مدائنٌ مدهوكةٌ بالموتِ

فاغزلها بضوء الحبر

لي نخلٌ

فمشِّطْ سعفهُ بيديكَ

لي وجهٌ على عمقِ الفجائعِ

لي هناكَ حدائقٌ لإلهيَّ المنفيِّ

لي قمرٌ يغارُ عليَّ مِنْ ظلي

ولي جنيةٌ عربيةٌ/ تغفو على صدري

فسافرْ

يا هواءَ الليل!

سافرْ بي ولا تسألْ لماذا.

إنني نهرُ اغتراباتٍ/

طفولاتٌ تهاجرُ/

ليس لي وطنٌ أحنُّ إليه

أشتاقُ تربتهُ الرهيفةَ

ليس لي جسدٌ لكي يُغتالَ في طيشٍ 

وليسَ هناك مِنْ زمنٍ

سوى تلكَ الأناشيدِ البعيدةِ

في صدى المتعتقين

وفي خطى الآتين كالضوءِ الهُذائيِّ المدى

لا، ليسَ لي وطنٌ أحنُّ إليه

أنا ليس َ لي وطنٌ أحنُّ إليه…./

 

 عبدالله زهير 

اللوحة(الشجرة القتيلة) للفنان جواد سليم