الحناجرُ العدميّة

Untitled-8

أيتها الحناجرُ الحجريةُ!

المبعثرةُ هنا في صميمِ جسدِ الأيّام العاري

المركوزةُ هناكَ فوقَ سلالمِ الغيب

في أروقةِ الليالي الجامدةِ التي لا تهتزُّ

ولا تهزُّ جذوعَ الخطيئةِ في حديقةِ الزمانِ المترامي

 

أيتها الحناجرُ التي تحاصرُ مشيئةَ النارنج!

لديَّ أنيابُ أسئلةٍ تكادُ أنْ تأكلَ لِثاها

لديَّ جوعٌ يبرقُ كالساعةِ في معصمِ جنيّةٍ تستلقي هناكَ

على مقربةٍ مِنْ مساءٍ ساحرٍ

 

في جسدي شمسٌ أرهقتها غيومٌ محتشدةٌ

غيومٌ تتمدّدُ فكوكًا وحشيةً

تخنقُ أجنّةَ الأنفاسِ المتوهجةِ مِنْ رئتيْها الناضجتين.

أيتها الحناجرُ التي تُلعلعُ بالصخبِ

وتدوّخُ قرائحَ الخروجِ مِنْ مدائنِ الحقيقةِ الكاملةِ الأرومة والصفاتِ

صُبِّي لعنتكِ على صَدرِ أيِّ مدينةٍ

ولكنْ لا تقتربي مِنْ مدينةِ أبجديتي

يا التي تقشّرُ العالمَ

كما تقشّرُ سكِّينٌ مصقولةٌ تفّاحةً غريبةً

استعمري أيّ بحرٍ تشائينَ

لكنْ إيّاكِ أنْ تقتربي مِنْ بحارِ سكونيَ المكتنزةِ بلغاتٍ متفجرة

 

أيتها الحناجرُ العدميّةُ!

ما أشبهكِ بالأقدارِ ذات القمصانِ الزئقبيّةِ القماش

ما أشبهكِ بخوفي حينَ يتأرجحُ

كشيخٍ يرتعشُ.

ما أشبهكِ بموتٍ مُتراكمٍ يقفُ خلفَ طابورٍ طويل…

 

لكنني أقسمُ أنّكِ لنْ تسحقي قلبيَ الطفوليَّ

أقسمُ بعروقِ القصيدةِ

أنَّ جسدي عصيٌّ على مثاقيبِ العدمِ التي ما تفتأُ تتطوّحُ في يديكِ

                                                                                                                         عبدالله زهير 

اللوحة للفنان المصري صلاح طاهر